هل القرآن الكريم متواتر حقا؟


السلام عليكم..
من الفرضيات التي تراها غير واقعية عند دراستك لعلوم القرآن هو القول بأن القرآن الكريم متواتر إلى السيد محمد بن عبد الله.. أنا هنا لا أناقش علاقة القرآن الكريم بين السيد محمد وبين ربه.. بل أناقش تواتر القرآن إلى السيد محمد فقط..
عند النظر في كلام علماءالقراءات تجدهم يقرون بأن القراءات ليست متواترة..! وهذا أمر يبدو غريباً ; لأن القول الغالب الأعم بين كل المسلمين تقريباً علمائهم وعوامهم هو ادعاء التواتر اليقيني للنص القرآني جيلاً بعد جيل.. فلا تفهم هنا كيف يجتمع المتناقضان..
يقول الإمام الشوكاني في "إرشاد الفحول" (ص63):

((( وقد ادُّعِيَ تواتر كل واحدة من القراءات السبع، وهي قراءة أبي عمرو ونافع وعاصم وحمزة والكسائي وابن كثير وابن عامر. وادعي أيضا تواتر القراءات العشر، وهي هذه مع قراءة يعقوب وأبي جعفر وخلف. وليس على ذلك أثارة من علم ..!! فإن هذه القراءات كل واحدة منها منقولة نقلا آحادياً، كما يعرف ذلك من يعرف أسانيد هؤلاء القراء لقراءاتهم. وقد نقل جماعة من القراء الإجماع على أن في هذه القراءات ما هو متواتر وفيها ما هو آحاد، ولم يقل أحد منهم بتواتر كل واحدة من السبع فضلا عن العشر، وإنما هو قول قاله بعض أهل الأصول. وأهل الفن أخبر بفنهم ))).


ولكن المشكلة ليست في تواتر النص القرآني في العصور المتأخرة ، بل المعضلة الحقيقية تكمن في إثبات تواتره عن أول طبقتين : عن طبقة الصحابة .. وعن طبقة القراء .. فشروط التواتر عنهم لم تتحقق لا من حيث الكيف ولا من حيث الكم:
(أ) من حيث الكم:
1- من الثابت في أسانيد القراءات أنها تدور جميعها حول سبعة أو ثمانية صحابة فقط لا غير..
2- ومن الثابت في أسانيد القراءات العشر أن كل قراءة تنتهي بقاريء واحد هو الذي أسسها..
3- القرآن ليس خبراً أصلاً ..!! بل عدة آلاف من الأخبار بعدد الآيات.. ! وهذا يعني قطعاً الحاجة إلى أعداد أكبر بكثير جداً لتحقيق الكثرة التي تحيل العادة تواطؤها على الكذب أو الوهم..
(ب) من حيث الكيف:
كل الرواة من نفس الدين والجماعة.. ولا يمكن الاختلاف على أن هناك مصلحة عقلية مشتركة وواضحة في جمع الناس على دستور واحد لتوحيد الصفوف ومنع الاختلاف وإقامة دولة متماسكة .. وهذا يتناقض تماماً مع معنى التواتر الحقيقي الذي يتحدث عنه المناطقة .. هذه تلاعب بالمعنى لا أكثر .. لأن التواتر الذي يعني به المناطقة أمر آخر يشترط فيه رواية الخبر عن وفرة من المخبرين
وهنا يجب التنويه على شيئين:
1- قول البعض بأن القرآن لم يقتصر على الأسانيد الواردة ، إنما كانت هناك أسانيد أخرى ولكن لم يتم تسجيلها هو ادعاء بلا دليل .. وهو يفتح الباب لكل مدعي أن يثبت أن كتابه صحيح.. يمكن للمسيحيين مثلاً ان يقوموا بنفس الادعاء ويؤكدون أن الكتاب المقدس متواتر ولكن لم يتم تسجيل الأسانيد..بل يمكنني أن أخترع الآن كتاباً وأدعي تواتره عن شخص مات منذ ألف عام بنفس الطريقة..
2- يظن البعض أن القراءات شيء والقرآن شيء آخر.. وهذا غير صحيح أيضاً.. فالقرآن الكريم هو مجموع تلك القراءات ، وليس هناك وجود منفصل لقرآن دون قراءات .. فالقراءات تختلف عن بعضها البعض في كلمات وحروف ،أو ما يسمى بالـ"فرشيات" ، كما هي تختلف في كيفية النطق أو ما يعرف بـ"أصول القراءة".
وبكون القرآن الكريم ليس متواتراً كما هو واضح ، فإن هذا يضرب المنطق في مقتل من حيث كونه كتاباً مرسلاً عن إله تكفل بحفظه وإزالة الشبهات عنه..
تساؤلات:
1- هل يشترط التواتر معرفة أحوال الرجال في كل طبقة أم أن شرطه هو الكثرة في كل طبقة فقط من غير بحث في أحوال رجالها ؟
لا يشترط معرفة حال كل رجل.. ولكن هناك شروط كيفية في هذه الوفرة ، منها مثلاً:
1- ألا تحيل العادة اتفاقهم على الكذب : فمن الممكن عقلاً أن يتفق مائة شخص مثلاً على نشر شائعة معينة بين الناس.. والسبب هو اجتماعهم على مصلحة مشتركة بينهم ، كأن يكونوا فرقة من فرق المخابرات ، ويريدون إرباك صفوف العدو ، فيأمرهم الضابط الكبير بأن ينشروا شائعة معينة بين صفوف العدو تضعف من شوكته.
2- ألا يكونوا من أهل عقيدة ما والخبر متعلق بعقيدتهم: لنفس السبب ، وهو حصول المصلحة المشتركة.
مثلاً يقول الدكتور يوسف الجديع في كتابه "تيسير أصول الفقه" عن التواتر اصطلاحاً:
*************************
ما اجتَمَعتْ فيه شُروطٌ ثلاثَةٌ:
1ـ يرويهِ عدَدٌ كثيرٌ يستحيلُ في العادَةِ أن يتواطأُ على الخطإ، بسببِ تباعُدِ بلْدانِهم، أو فرْطِ كثرتِهِمْ، أو لدينِهِمْ وصلاحِهمْ وشُهرتهم بذلك.
2ـ يرويهِ عنهُم مثلُهُم من مصدرِهِ رسول الله إلى منتهَاه.
3ـ أخذُ بعضِهِم عن بعضٍ قدِ استَن‍دَ إلى الحِسِّ، وهو السَّماعُ أو ما في معناهُ ممَّا يثبتُ بهِ الاتِّصالُ.

*************************
وهذا هو التناقض الذي أعنيه..
فعلماء المسلمين يقرون بهذه الشروط ثم يتجاهلون عدم مطابقتها لواقع القرآن على الإطلاق..!
2- هل يعتبر سكوت الباقي عن البعض الناقل للخبر خاصة في مسألة هامة كنقل القران يعتبر موافقة على النقل و بالتالي يتحقق التواتر أم لا؟
بالطبع لا .. فالساكتون قد لا يحفظون القرآن أصلاً ومن ثم لا يعرفون خطأه من صوابه..!
فضلاً عن ذلك : فلايوجد دليل قطعي على أن من سكت سكت برغبته وليس بالقوة.
وفضلاً عن ذلكما: فحتى على مستوى العلوم الإسلامية ، فالاجماع السكوتي في أصول الفقه حكمه ظني..!
3- هل للقران مزية عن غيره من النصوص تجعل تواتره أمرا لا مرية فيه مثل ترداده 3 مرات يوميا في الصلوات الجهرية في كل مصر من الأمصار و ختمه في بعض المناسبات السنوية كصلاة التراويح ف شهر رمضان و تدارسه و الاقبال على حفظه و التغني به و الاستشهاد باياته و الرجوع اليه في الأحكام و التقاضي في مختلف العصور, هل نص له تلك الميزةو لم ينقل ان أحدا اختلف عليه يمكن الشك في تواتره؟
لا ..فالقرآن نزل متفرقاً ولم يكتمل إلا في آخر حياة السيد محمد.. ونحن لا نعلم بشكل يقيني ما هي الآيات التي كانت تستخدم في الصلاة.. فضلاً عن أن حفظة القرآن لم يكونوا أكثرية ، وغالب المسلمين كان أمياً لا يعلم من الدين إلا الضرورات..
هذا عن مرحلة تكون القرآن.. أما عن مرحلة ما بعد استقرار النص القرآني فليست دليلاً على شيء ، فقد تواتر القرآن بعد ذلك في الطبقات المتاخرة كأي كتاب يتم تأليفه ثم ينتشر..
فالمشكلة ليست في الطبقات المتاخرة من السند وإنما في الطبقة أو الطبقتين التي تعقب السيد محمد مباشرة.
4- هل اتفاق سبعة من الناس على نص طويل به أكثر من سته الاف اية و مكون من أكثر من 77 ألف كلمة و أكثر من خمسمائة صفحةبحيث لم ينقل أحدهم كلمة واحدة زائدة أو ناقصة أو ترتيبا للكلمات مختلفا عن صاحبه يمكن أن نشك في أن نقلهم ثابت و قطعي ؟
بالتأكيد لا.. لأن:
1- اتفاقهم على نص موحد بينهم ينقلونه لمن بعدهم أمر طبيعي جداً وغير مستحيل عقلاً .. فالعقل لا يحيل ذلك .. والتاريخ يظهر لنا مدى الاختلافات التي وقعت بين المسلمين في القرآن حتى اضطر عثمان بن عفان إلى تحريق المصاحف وعقد لجنة لكتابة مصحف واحد يجتمع عليه الكل.
2- وحتى بعد اجتماعهم ذلك ظهرت اختلافات جديدة بين القراءات في الطبقة الثانية وهي طبقة القراء العشرة.
5- وكذا القول فيمن نقل عن الصحابة وفضلا عن ذلك يمتنع عليهم التواطؤ على الكذب على الأصحاب لتباعدهم وتفرقهم فى الانجاء فقد نفلوا عن الصحابه بعد تفرقهم فى الامصار
لم يحدث ذلك.. فالقرآن لم يرد مسنداً إلا عن سبعة صحابة أو ثمانية.. فأين هي تلك الوافرة التي تمنع وقوعهم في الكذب أو الوهم ؟؟
وقد أورد التاريخ اختلافات كثيرة بين مصاحف الصحابة وبين المصحف العثماني الذي أمر عثمان بن عفان بإحراق كل المصاحف الأخرى عداه..
6- أما القول بتواطؤ الأصحاب , وهم ليسوا عشرة ولا عشرين بل آلاف , على تغيير القرآن بحيث اتفقوا على صيغة موحدة فهذا قول مردود لأن الصحابة فضلا عن انهم كانوا مؤمنين بهذا القرآن وكانوا احرص الناس على أن يبقى القرآن محفوظا بمنأى عن التغيير والتبديل والتحريف ولذا بادروا إلى جمعه ، كيف تواطأ هذا الجمع الغفير على كتمان حقيقة تغيير القرآن دون أن يتسرب ذلك إلى غيرهم ؟!!
وأين هو هذا الجمع الغفير الذي نقل إلينا القرآن رغم أنه غير مسند إلا إلى سبعة من الصحابة..؟!
7- المسلمون متفقون على تواتر القرآن لا تواتر القراءات أما كلام الشوكانى فعن تواتر كل قراءة على حدة ومجموع القراءات يتحقق معه التواتر لأن القراءات الفوارق بينها طفيف لا يكاد يُذكر
***********************
2- يظن البعض أن القراءات شيء والقرآن شيء آخر.. وهذا غير صحيح أيضاً.. فالقرآن الكريم هو مجموع تلك القراءات ، وليس هناك وجود منفصل لقرآن دون قراءات .. فالقراءات تختلف عن بعضها البعض في كلمات وحروف ،أو ما يسمى بالـ"فرشيات" ، كما هي تختلف في كيفية النطق أو ما يعرف بـ"أصول القراءة".
***********************
يعني ببساطة شديدة : لو كان عندك أسانيد متواترة للقرآن منفصلة عن أسانيد القراءات فلتأتنا بها..
أما أن الاختلافات بين القارءات طفيفية فهو قول لا يخفى عليك غرابته.. فالتواتر لا يعترف بمثل هذه الكلمات..!! إما أن يكون الخبر منقولاً كما هو بالضبط وإما يسقط التواتر ، لأأن حكم التواتر هو القطع واليقين.. فضلاً عن ذلك فالاختلافات بين القراءات تقدر بالآلاف..!!
لا يوجد في التواتر ما يسمى بمعرفة أحوال الرواة …. صلاح أهل البلدة قرينة تضاف للتواتر ولكن التواتر لا علاقة له بأحوال الرواة وهل كانوا مؤمنين بما رووه أو لا.. التواتر له شروط حاسمة وقد سبق ذكر بعض منها:
1- أن يرويه عدد كثير وفير بحيث يستحيل تخيل اجتماعهم على الكذب أو الوهم أو تواطؤهم لأي مصلحة.. بعضهم حدد العدد بمائتي شخص والبعض اشترط أن يروي الخبر آلاف..! والصواب أن تحدديد العدد خاطيء أصلاً ، لأن الكثرة يجب أن تكون بحيث لا يمكن حصرها بعدد معين..
مثال:
– خبر صعود أمريكا إلى القمر.. هل يمكن حصر عدد رواته ؟؟
– خبر وقوع مصر في قارة أفريقيا.
– خبر وجود الكعبة في مكة… إلخ.
هذا هو مفهوم التواتر ومفهوم الوفرة التي يعنيها المناطقة والمعنية بالتلاعب في موضوعنا، فجرى الادعاء بأن القرآن متواتر، مع عدم تطابق شروط التواتر المذكور. ان مجرد ذكر شروط التواتر تشير الى العلم بالشئ في حين تعطي الانطباع ان العلم بالشئ سيؤدي بالضرورة الى الالتزام به وهذه النقطة اهي التي خدعت العقل..!
2- أن تكون هذه الوفرة في جميع طبقات السند من أوله لمنتهاه.
***********************************
التَّواترُ لُغةً: التَّتابعُ، يقالُ (تواترَتِ الخيلُ) إذا جاءتْ يتْبعُ بعضُها بعضًا، و(جاءُوا تَتْرَى) أي متتابعينَ وِتْرًا بعدَ وِترٍ، و(الوِتُرُ) الفرْدُ، فمن هذا قيلَ للحديثِ (مُتواترٌ) لأجلِ تتابُعِ الأفرادِ فردًا بعدَ فرْدٍ على روايتِهِ.
واصطلاحًا: ما اجتَمَعتْ فيه شُروطٌ ثلاثَةٌ:
1ـ يرويهِ عدَدٌ كثيرٌ يستحيلُ في العادَةِ أن يتواطأُ على الخطإ، بسببِ تباعُدِ بلْدانِهم، أو فرْطِ كثرتِهِمْ، أو لدينِهِمْ وصلاحِهمْ وشُهرتهم بذلك.
2ـ يرويهِ عنهُم مثلُهُم من مصدرِهِ رسول الله  إلى منتهَاه.
3ـ أخذُ بعضِهِم عن بعضٍ قدِ استَندَ إلى الحِسِّ، وهو السَّماعُ أو ما في معناهُ ممَّا يثبتُ
***************************************
التواتر يشترط رواية جمع غفير عن جمع غفير لا يربط بينهم هدف أو مصلحة من الاتفاق.. ويجب أن تكون الوفرة بحيث لا يمكن حصرهم ..
وهذه الشروط لم تحدث لا على مستوى الصحابة الذين رووا القرآن ولا على مستوى طبقة القراء التي أخذت عنهم.. فلا هم جمع غفير ، ولا هم يستحيل تواطؤهم من أجل مصلحة مشتركة أو وهم..
بالنسبة للتواتر : لا معنى لكلمة "اختلافات طفيفة" عند الحديث عن التواتر.. إما أن ينطابق الخبر تماماً وبالحرف وإما لا تواتر ولا يحزنون..
– بالنسبة للاختلافات بين القراءات: فعددها يحصى بالآلاف ، ما بين اختلافات في حروف أو اختلافات في كلمات أو غياب حروف أو غياب كلمات..
برجاء الاطلاع على مفهوم التواتر في أي كتاب أصول فقه إسلامي.. نرشح لكم منها : المحصول للرازي ، فواتح الرحوت لابن الحاجب ، الضروري في أصول الفقه ، أو تيتسير أصول الفقه لابن الجديع.
البعض  يقدم  اسم الرسول من ضمن اسماء التواتر، كما يقدم اسماء صحابة قرؤا على صحابة ليصبح الطرفين من مستوى واحد وهذه قائمة بالاسماء:
عمر بن الخطاب
، وزيد بن ثابت
، وأبي بن كعب
، وعبد الله بن عباس
، وعبد الله بن عياش.
وعبد الله بن السائب
وعثمان بن عفان
، وعلي بن أبي طالب
، وعبد الله بن مسعود
، وأبي موسى الأشعري
وأبي الدرداء.
والحسين بن على بن أبي طالب.
سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم
ان اسماء الصحابة الاثنى عشر اعلاه هم من وردت اسماءهم في اسانيد القراءات العشر، ولكن ليس كلهم من قرأ عن النبي مباشرة وانما منهم من قرأ عن الصحابة، وبالتالي لم يكونوا من طبقة التواتر الغفير الاول، في حين ان من درس الاسناد يعلم ان العبرة في التلقي من المصدر مباشرة. وفي النهاية نصل الى نفس الرقم الذي ذكرناه في البداية ، او يضاف شخص او شخصين إذا تغاضينا عن عدم ثبوت قراءة عبد الله بن عياش وعبد الله بن السائب عن الرسول محمد مباشرة، فإبن العباس قرأ على ابي بن كعب وزيد بن ثابت، والحسين بن علي قرأ على ابيه علي بن ابي طالب، وإدخال الرسول فيهم لايقوم، إذ انه من طبقة " المصدر" وليس التواتر، فكيف يصبح كل هذا سندا لتواتر

Posted by: redqatar | 2009/11/24

القمني، عميد مفكري المحروسة

بيان جبهة مصر الحرة المتنورة
رداً على بيان جبهة علماء الأزهر الشريف

د. القمني، عميد مفكري المحروسة

إلى المتأسلمين أصحاب الأجندة الوهابية في مصر
إلى مرتزقة البتروريال في كل عصر
إلى مشايخ الفضائيات وتجار الدين بلا حصر

وبلاغ إلى أمتنا البائسة المغيبة بفعل المذكورين أعلاه

في الوقت الذي أصبح فيه الإسلام في نظر شعوب العالم مرادفاً لكل ما هو متخلف وعنيف ولا إنساني على أياديكم الطاهرة… وبسبب أفعالكم وأقوالكم وفتاويكم العاهرة… التى جعلت منا أمة يتندر بدينها وبقيمها الأمم الساخرة

في الوقت الذي حولتم فيه الإسلام لمصدر رزق وتربح وثروة وسلطة وهيلمان… وسكتم عن الظلم والقهر والطغيان… وتفرغتم لفقه الحجاب والنسوان والغلمان… وتاجرتم بكل شئ فلم يتبقى إلا أن تصدرو صكوك الغفران

في الوقت الذي حولتم فيه ديننا الحنيف لأجندة سياسية يقف أمامها هتلر والنازية… وموسوليني والفاشية… وستالين والديكتاتورية… موقف التلميذ الغر أمام ناظر مدرسة القهر والذل والعبودية

في عصر الإضمحلال الذي تعيشه مصر ببركاتكم… وبسكوت المثقفين وأهل العلم الحقيقي، ترفعاً عن أفعالكم… وغفلةً السلطات عن سفالاتكم وعمالتكم… وانشغال الشعب برزقه الشحيح عن كشف خداعكم… وإزاحة النقاب عن عظيم جهلكم

في زمان جاهليتكم هذا ظهر من أخذوا بيدنا… ورفعوا الغشاوة عن عيننا… وكشفوا عن خداعكم لنا… وانتشاركم السرطاني بيننا… واستغلالكم لجهل البسطاء مننا

خرجتوا عن شرف الحوار المتحضر، فأنتم لا تعرفون له سبيلا يا جبهة المتنطعين… قتلتوا فرج فوده وطعنتوا نجيب محفوظ وقهرتوا خليل عبد الكريم وهددتم سعيد العشماوي وكفرتوا نصر حامد أبو زيد ولاحقتوا سيد القمني بلا كلل، ظانين أنكم منتصرين… ولكن هيهات يا جبهة المنتفعين… لن تنتصروا أبداً يا جماعة الأفاقين

لم يكتب أحداً منكم مفنداً أفكار أي من مفكرينا المحترمين حرفاً… لم تقارعوهم بالحجة وهم الذين لم يسألنا أحداً منهم أجرا… ولم يتربح منا منهم أحدا… ولم يفرضوا علينا أبدا اتباعهم فرضا… ولم يجبرونا على الإيمان بادعاءاتهم قهرا

لم يمنح أحد القمني جائزة الدولة متفضلاً… فموقفه وموقفنا من القائمين على الثقافة في بلادنا معروف واضحاً جالياً… لقد منحنا القمني قلوبنا وفتحنا له عقولنا هادياً… كشفكم أمامنا وأمام العالمين فنعتوه مرتداً كافراً… والله لولا يقيننا بخاتم المرسلين لظنناه نبيّنا

فلتحرموه من جائزته لو استطعتم، فرادي وجماعه… فقد منحناه نحن ما يستحيل على القضاء انتزاعه… منحناه حبنا واحترامنا عن كل قناعه… ولن يتبقي لكم الا الحسرة وأمل إبليس في الشفاعه

حسن الهلالي

صدر في ١٢ يوليو ٢٠٠٩ رداً على بيان من يتسمّون ب”جبهة علماء الأزهر الشريف” المنحلة

دافع عن القمني…. دافع عن عقلك

===============================

حقيقة جبهة علماء الأزهر

جبهة علماء الأزهر لا تمت بأية صلة إلى جامع أو جامعة الأزهر الشريف، بل هي مجموعة من المتطرفين المنشقين عن الأزهر، وقد صدر حكما قضائيا بحلها نهائيا في عام 1999، لكنها عاودت نشاطها من الكويت مستخدمةً اسم الازهر لاستغلاله في خلق نوع من الشرعية لا أساس له. أعضاء هذه الجبهة المسمومة هم مجموعة من المتطرفين والمتعصبين ايديولوجيا وأكثرهم من جماعة الاخوان المسلمين. ومن ضمن اعضاء الجبهة “السيد عسكر” النائب في مجلس الشعب والذي قام برفع الحذاء في المجلس والهتاف ضد مصر، قائلا أن المصالح الوطنية لا قيمة لها ولا وجوب لحمايتها

هي إذن مجموعة ممن يتبنون أجندة معادية لمصر عموما، تخدم أهدافا أيديولوجية وسياسية محددة لا علاقة لها بالاسلام كدين، وإنما تتخذه ستارا تروج من خلاله لأهدافها الخاصة. وكل نشاطها منصب على ارهاب المفكرين واصحاب الآراء التي تهدف للنهوض بمصر كوطن للمصريين، فيقومون بنشر بيان مشهر بختم الجماعة الغير معترف به في مصر من الأساس لأصدار فتاوى بالتكفير تتلقفها الجماعات والخلايا الارهابية لاباحة دماء هؤلاء المفكرين الابرياء. إصرار هذه “الجبهة” على استخدام اسم الازهر الشريف رغم انشقاقها عنه منذ زمن طويل ورغم عدائها المعلن لرموزه لهو دليل على اتباع هؤلاء لأساليب النصب الرخيصة على البسطاء لتشويه صورة مفكرين مصر وخيرة عقولها وملاحقتهم بسيف التكفير لترهيبهم وتقديمهم كفريسة للقتلة

وللمزيد من المعلومات حول هذه “الجبهة” ومعرفة مدى عدائها لمصر وللأزهر الشريف، يرجي مراجعة موقعهم الالكتروني

أرجو من الجميع العمل على تبصير الرأي العام بهذه المعلومة التي يتغافلها الاعلام التحريضي عن قصد في نشره للبيانات الصادرة عن هذه الجبهة المسمومة

عالم فانتازيا

.

Saturday, 11 July 2009

بلاغ

3501889

نتقدم نحن العلمانيون وأحرار الفكر هنا ببلاغ في:

جماعة الاخوان المسلمين

وجماعة الجهاد

وشيوخ الحسبة و التكفير (يوسف البدري وأمثاله

ومفتي الجمهورية السابق

وكل من يحشد القتلة

إنهم يثيرون الفتن

انهم يحرضون على القتل

نحن جميعا مع القمني

عار عليهم ما يفعلون

انهم منهزمون لا محالة

والا لما فعلوا كل هذا

أدعوكم جميعا للمقاومة ومساندة هذا الرجل الذي منحنا عمره وعقله

آن أوان التعبير الحقيقي عن الحب

من يستطع منا أن يفعل شيئا فليفعله

اليوم معركتنا جميعاً وليس معركة القمني وحده

إن صمت القمني فستكون نكبة ونكسة لنا جميعاً

لنقف مع هذا الرجل فهو سندنا في مواجهة الظلام

دافع عن القمني…. دافع عن عقلك

عامر الأمير.

 

——————————–

عاد القمني “حاملا صليبه على كتفيه” … يحث الخطى ( كما عهدناه ) في دروب وعرة مليئة بالأشواك .. تسمع فيها “فحيح الأفاعي” !! و من ينجو من لسعات افاعيها فان آلافا من العقارب الصفراء تنتظره لدغاتها…

هذا هول حال “فولتير العرب” و رائد الحركة الإصلاحية في عالمنا العربي ؛ المفكر التنويري الكبير سيد محمود القمني …

هددته من قبل “القاعدة الإرهابية ” بتصفيته جسديا !! “ما لم يعلن عن توبته “! كفروه ؛ و هو الرجل المسلم العقيدة ؛ و آخر المعتزلة ؛ لم يتهجم على الله و رسوله .. إنها إتهامات تكفيرية باطلة ؛ و ” من كفر مسلما فقد كفر ” … أعلن الفارس المغوار إنسحابه من ميدان المعركة بعد أن أذاق خصومه مرارة الهزيمة و عرى أساطيرهم و خزعبلاتهم ببضع كتيبات صغيرة لم تصمد أمامها آلاف المجلدات التراثية المعترف بها رسميا على أنها مراجعا للحق و الحقيقة و الإيمان و الأمان …

توقف القلم الوهاج عن الكتابة ؛ خوفا على فلذات كبده من القتل أو النحر! و ترك بلاد النيل الى بلاد “العم سام”!… و بعد معاناة طويلة من التوقف عن قول الكلمة الحرة ؛ عاد القمني متحديا الموت الذي يذوق تجربته كل يوم بسبب مرض مزمن يعاني منه جسده العليل!

عاد الى مصر ليواصل مشروعه التنويري الإصلاحي الكبير بعد أن أمن على حياة أبنائه ؛ فلذات كبده .. ثم فرقع الأزهر و بعض المشايخ و أصحاب الأقلام المرتزقة قنبلة مفتعلة ؛ بعد ان منحت وزارة الثقافة المصرية الدكتور سيد محمود القمني جائزة الدولة التقديرية في العلوم الإجتماعية ؛ وهي اكبر جائزة معنوية تمنح في مصر ؛ رغم زهد مبلغها “المائتي ألف جنيه مصري” أي مايعادل 35 ألف دولار أميركي! فحدثت الضجة و اعترض الازهر و الاسلاميون و طالبوا بسحب الجائزة لانها من جهة ” هدر للمال العام!

– ياسلام! “من جهة أخرى و هي الأهم ؛ أنها بمثابة اعتراف ضمني من الحكومة المصرية بالفكر الليبرالي و العلماني ؛ وهذا خط أحمر عند الاسلامويين لن يقبلوا أحدا تجاوزه … و نحن نعلم أن الدولة المصرية ليست دولة “خلافة إسلامية” كدولة طالبان العتيدة البائدة يحكمها أميرا للمؤمنين كالملا عمر ( حفظه الله )! و ليست بالدولة العلمانية ؛ التي تتبنى فكرة المواطنة و حرية الإعتقاد الديني و الفكري و الفلسفي و حقوق الإنسان كاملة ؛و هي كلها من أهم مقومات الدولة العلمانية الحديثة ..

الدستور المصري حاله حال معظم (إن لم يكن كل دساتيرالدول الناطقة بالعربية) ؛ هو خليط عجيب بين “التشريع الإسلامي” و “القانون المدني” المتضادان في كثير من المفاهيم و المسميات و التشريعات ؛ و من هنا ضاعت الهوية الدستورية الحقيقية! ثم خرج علينا أهل الزعيق و النعيق بحكاية أخرى و إدعوا أن القمني يحمل شهادة دكتوراه مزورة! رغم أن رسالته في الدكتوراه منشورة في كتاب مطبوع .. و قد فات هؤلاء “الناعقين مع كل ناعق” أن هنالك كثير من الكتاب الكبار و المفكرين و المبدعين و الفلاسفة و الشعراء و الأدباء والعباقرة ؛ ليسوا بدكاترة! … و في نفس الوقت ؛ هنالك عشرات الآلاف ممن يحملون شهادة “دكتوراه” و تراهم لا يفقهون شيئا في مجال تخصصهم ؛ و فوق ذلك ليسوا بمبدعين … فالإبداع الفكري و الفلسفي و الفني لايحتاج الى شهادة دكتوراه أو حتى الى ( أي شهادة )!

رغم أن سيد القمني يستحق شهادة أعظم من الدكتوراه … المشكلة ان عوام الناس يتصورون أن كل مبدع لابد أن يحمل شهادة دكتوراه! او أن كل من يتسمى باللقب “الدكتوري” هو من العالمين الفاهمين العقلاء! و تلك هي المفارقة المضحكة المبكية ؛ و ذلك هو البلاء! …

“اللادكتور” سيد محمود القمني مفكر كبير و باحث متمكن في التأريخ الإسلامي لا يشق له غبار؛ شاء من شاء و أبى من أبى .. كتاباته تشهد على ذلك

و أني لأرى أن “الدكتوراه” هي التي تبحث عن القمني و تتشرف به و ليس العكس ؛ فكل كل كتاب سطره قلم القمني يستحق شهادة “دكتوراه”! .. نقول هذا و نحن نعيش منعطفا تأريخيا مهما ؛ و أزمة حضارية ؛ حيث تدور على الساحة العربية معركة مصيرية كبرى طاحنة بين أفكار التنوير و الليبرالية و العلمانية من جهة و بين الأفكار النصوصية الأصولية الجامدة المتحالفة مع دعاة الإسلام السياسي من جهة أخرى ..

لننظر الى ما يحدث في العراق من حرب ؛ ظاهرها ديني طائفي عرقي تحريري! و باطنها حرب بين سياقين فكريين متضادين ( الدولة الحديثة و الإسلام السياسي )! .. لقد تسنم كرسي الحكم في العراق الإسلاميون ؛ و بالديموقراطية! و الإنتخابات الحرة نسبيا .. نعم اختارالعراقيون الإسلاميين للحكم ؛ و حسنا فعلوا ليتجرعوا مرارة (نظام الحكم الإسلامي) حتى يحدث التجاوز الفعلي و الحقيقي للفكرة البراقة (الإسلام هو الحل)! و هو مايحصل اليوم في الشارع العراقي الذي زهق من دعاة الإسلام السياسي بعد أن تكشفت حقيقتهم أمام الناس و ذاقوا مرارة علقمهم التي كانوا يظنونها شهدا و خمرا و عسلا! و الساعة آتية لا ريب فيها ؛ عندما سيسقط العراقيون بأوراق التصويت الأحزاب الإسلاموية و يزيحوها عن كرسي الحكم ..

الإسلامويون يخسرون شعبيتهم يوما بعد يوم .. انظروا الى ما يحدث في ايران ؛ من إنتفاضة شعبية ضد حكومة الملالي التي فازت هذه المرة بالقوة أو بالتزوير أو بكليهما .. و لكن في نهاية المطاف ستتهاوى أنظمة الحكم الإسلاموية الشمولية في العراق و ايران معا مهما إختلفت مسميات النظامين … ثم تتبعها تداعيات كتساقط قطع الدومينو واحدة تلو الأخرى ؛ ستشمل بلدانا و شعوبا و قبائل ؛ لعل أهمها و أصعبها بلاد الجزيرة العربية التي يتحكم في مصير أبنائها الدين الوهابي ؛ و من المحتمل أنها ستكون هي المعركة الكبرى والنهائية و الحاسمة أو (أم المعارك الفكرية)

لقد سيطر الإسلامويون على الشارع العربي لأنهم ببساطة يلعبون على أهم وتر في حياة الإنسان ألا و هو (المصير الأخروي) ؛ فهم يصورون للناس أنهم نواب الله على الأرض ويمنحون “الشهادة” على مزاجهم و يدخلون الناس الجنة و النار على “كيفهم” بهياجهم و زعاقهم و لعبهم على الوتر الحساس جدا : المصير الأخروي … لأن حياة أي إنسان مهما كانت جميلة و رائعة ستنتهي يوما ما و لابد من أمل!.. لقد حدث ذلك لزمن طويل في أوربا -القرون الوسطى …

نحن الأحرار؛ نحن الأغلبية الصامتة في العالم الناطق بالعربية علينا أن نفعل شيئا ؛ أن نتحرك بدل السكون و الركون الى اليأس و ترك الساحة خالية لذوي الحراب ؛و لكننا للأسف الشديد لانملك أسلحة سوى العقل و التفكير و الكلمة الحرة! و هم الظلاميون ؛الأقلية الإرهابية الزاعقة الهائجة ؛ سلاحهم التكفير و السيوف و الذبح و القتل … نحن الأغلبية مع القمني بقلوبنا بكلماتنا بعقولنا ؛ لكننا لانملك سيوفا تنحر و لا أحزمة ناسفة تفجر ؛ و قتل الإنسان عندنا خط أحمر … وشتان بين قلم يسيل منه الحبر الأسود و بين السيف الذي يقطر !! دما آدميا عبيطا!

لا نقول سوى الكلمة : واصل السير أيها المعلم الكبير ؛ فهنالك الملايين من العرب المتنورين و المثقفين تقف خلفك في معركتك التنويرية الكبرى .. سر بنا يا قمني على طريق التنوير من أجل مستقبل عربي أفضل .. وحدهم الرجال العظماء هم من يغيرون التأريخ و أنت أحدهم .. سر و نحن معك : مسلمين و مسيحيين و كل الطيف الديني في عالمنا العربي ..

أيها الأحرار ؛ سجلوا موقفا تأريخيا و تضامنوا مع “فولتير العرب” المفكر الكبير سيد محمود القمني ضد قوى الإرهاب و الظلام و التخلف و الهمجية الرعاعية التي تهدده بالقتل و تخطط لتصفيته جسديا ؛ ما لم يتوقف عن ثورته الفكرية التنويرية التي أشعلها بقلمه الوهاج … قفوا مع حرية التعبير و التفكير من أجل عالم عربي افضل ؛ تسوده قيم الحرية و العدالة و حقوق الإنسان .. بالضغط على الرابط http://www.al-qimni.com

الموقع مخصص لدعم القمني و ليس للسباب و الشتائم ؛ و ليس للمطارحة بين الرأي و الرأي الآخر .. وأنا أستغرب من البعض ؛ و معظمهم من الإسلامويين يدخلون موقع ” قف مع القمني ” و يسبونه ؛ مع أن الموقع مخصص للوقوف مع القمني .. حتى هذه الجزئية لم يعقلوها! لنتخيل موقعا عنوانه ” قف مع قرضاوي ” مثلا ؛ هل سيسمح قرضاوي و من لف لفه بنشر سبابا و شتائما موجهة الى شخصه المقدس ؟؟؟ أو نقدا لرضاعة الكبير أو شرب بول البعير ؟؟؟ و مع كل شتائمهم و سبابهم فأنتم ترون بأنفسكم كيف تطفل الإسلامويون و إستغلوا فسحة الحرية في الموقع و ملؤوه بالسباب و الشتائم و الكلمات البذيئة … هل يريدون مثلا ؛ أن يكون عنوان الموقع : ” هيا بنا نشتم القمني ” ؟؟؟ فتعليقهم فيه لا معنى له ؛ و كان بامكانهم القعود و عدم الوقوف مع القمني أو عدم التعليق ببساطة .. و هيا بنا نشتم ؛ فنحن قوم سبابون شتامون … و لا فخر!

عامر الأمير

فى مجتمع اللئام الصمت أبلغ من الكلام

والدى لم يكن يوما موظفا بأى جهة إعلامية فى مصر ، و لم يكن موظفا بروزاليوسف لكنه كان يكتب ما يراه و هو جالس فى بيته و يرسل اليهم بالفاكس.

كان مقص الرقيب يفرض نفسه على كتابات والدى بإستمرار ، فكان والدى فى مواقفه يحتاج إلى شجاعة أبعد من شجاعة روزاليوسف ، و لم يكن شتاما و لا بذيئا إنما كان يخاطب العقل مستندا بالحجة و المستندات الموثوقة لدى الجميع ، فكان الرقيب يحذف ما هو اعلى شجاعة من إحتمالهم.

امتنع والدى عن الكتابة عدة مرات لروزاليوسف بسبب هذا التدخل فى كتابته ، و ذهب للمجلة ليوضح أنه كاتب مرن يمكنه إستيعاب هذا المحذوف و إعادة صياغته بما لا يضر بمقاله ممن لا يفهمون ، و أن عليهم تحديد خطوطهم الحمراء ، إما يقبلهما و يكتب ، أو يرفضهما و ينقطع ، فكان أن قابله الرقيب مقابلة سيئة انتهت بقطيعة استمرت شهورا ، توقف أبى خلالها عن الكتابة لروزاليوسف.

عندما علم رئيس التحرير أ.محمد عبد المنعم بهذا الذى حدث أنزل بالرقيب عقابا شديدا ترك فى نفسه ما ترك من سيد القمنى ، ثم طلب محمد عبد المنعم من والدى ليعود للكتابة لروزاليوسف بضمان شخصى منه بعدم التدخل .و عاد والدى للكتابة لروزاليوسف بينما كان الرقيب يمضغ حقده و كراهيته ، كان يصر على التدخل فى بعض التوافه التى كان يمررها والدى بدوره و لا يقف معها ليستمر فى مخاطبة أهله و ناسه كما يجب أن يسمى قراءه.و استمر يكتب…. فجأة فى أخر مقال نشره والدى تدخل الرقيب بقوة و اقتطع ما أراد اقتطاعه ، السبب أنه كان الأسبوع الأخير لمحمد عبد المنعم بروزاليوسف و بعدها سيحال الى المعاش ، و فهم والدى الرسالة و قرر ألا يكتب لروزاليوسف و أن على قراءه التحول الى حيث ينشر بجهات أخرى لأن الرقيب أصبح رئيسا للتحرير.

بعد ثلاثة اسابيع وصل إنذار بتوقيع من الجهاد و لا نعلم هل هو جهاد أم قاعدة ، فلدينا رسائل كثيرة من القاعدة ، أم من الإخوان المسلمين ، للتوقف عن الكتابة و التوبة و يشترط عليه نشر بيان التراجع فى روزاليوسف بالذات .

وبين فزع شقيقاتى و بكاء أصغرهن الدائم حوله و بين أربعة ايام قضيناها ننتظر أى علامات تشير إلى الإهتمام من الأمن منذ تبليغه قبل نشر البيان بأربعة ايام حيث كان لديهم تبليغ سابق بتهديد سابق ، و بين محاولته الإتصال بالسيد كرم جبر الذى أصبح رئيس مجلس إدارة روزاليوسف ليومين و هو يوسط بينهم صديقه وسيم السيسى و هم لا يردون حتى اضطر أخيرا الى كتابة بيانه و أرسله الى مجلة روزاليوسف و لمزيد من التأكيد أرسله إلى شفاف و إيلاف ، مقررا عدم الإستمرار فى الجناية علينا عندما إختار لنا و لنفسه هذا الطريق من العذاب الدائم فى المدارس و الجامعات و حياتنا القاسية المريرة ، و بعد ان قضينا عمرنا بالتنقل من مسكن الى مسكن بحثا عن مجتمع أقل كراهية بعد خطب عصماء تطاردنا فى المساجد أينما حللنا ، الأن لم يبق لنا إلا هذا الأب و هو كل مالدينا من فى مجتمع أصيب كله بالجنون. و لا نريد أن نفجع فيه بلا عائل غيره نعرفه لا عم و لا خال..

أعلن بيانه بعد سنوات قهر و مرض و فقر و انعدام أمن و كراهية فى المدرسة و الجامعة و الشارع حولنا تطاردنا فى كل مكان من أجل وطن أعطاه والدى لقمة عيشنا و لم يعطنا هذا الوطن أى شىء سوى الكراهية و الفزع.

أرسل والدى البيان لروزاليوسف بعد أن أصبح الرقيب رئيسا للتحرير لكن ليزايد على شجاعة والدى التى كانت نقيصة الرقيب طوال الوقت و هو يقص و يقص و إذا به ينشر بيان والدى بشكل مهين على نافذة روزاليوسف على شبكة الإنترنت الدولية ، و يأخذ الشهادات عليه من الد أعداء الحريات و أعداء أبى بالذات (كمال حبيب) الذى سبق له أن حاز هزيمة منكرة أمام القمنى فى الإتجاه المعاكس بالجزيرة ، و منتصر الزيات محامى الإرهاب العلنى المعروف. و ادعى الثلاثة روزاليوسف و الإرهابى كمال حبيب و زميله منتصر الزيات أن سيد القمنى هو من فبرك حكاية التهديدات.و بعد سبع ساعات من هذا النشر الإلكترونى و بعد أن قرأه الألاف و حفظناه عندنا نسخة منه تم رفعه من نافذة روزاليوسف على النت.

فى الـ m.b.c و دريم أعلن الرقيب رئيس تحرير روزاليوسف أن سيد القمنى هو مفبرك البيان و أنه أرسله لنفسه ، بل أن سيد القمنى هو من دخل على نافذة روزاليوسف و دس ماتم نشره و رفعه بعد 7 ساعات ، و أنه هو من ذهب إلى كمال حبيب و منتصر الزيات يطلب منهم سبه و شتمه مما يشير على تواطؤ الجميع و معهم روزاليوسف ، حيث لم يعلن المسلمان التقيان حبيب و الزيات لمن قالا حديثهما بالضبط و هم يشهدون التزوير و الكذب العلنى هل قالاه لسيد القمنى أم لروزاليوسف.و هو الموقف الذى اكده العدد التالى الورقى من المجلة و تسخيره للنيل من والدى .

هذا رئيس تحرير يبدأ أول أيامه فى مجلة قومية بتخليص ثأر شخصى من القمنى بالتحالف مع الإرهاب. أما عن إتهام القمنى أنه من فبرك الأمر كله فهو العيب نفسه لأن صندوق بريد والدى الإلكترونى بيد أمن الدولة من فترة و قبل وصول التهديد المباشر بيومين ، أى منذ وصلته رسالة( عقبالك) من قاعدة أنصار العراق حول مقتل السفير المصرى و الأمن المصرى وحده من يفصل فى الفبركة من عدمها ، و ان بيان والدى جاء بعد أن شعرنا اننا وحدنا أمام مالا طاقة لنا به ، و هو ما أيدته أحداث اليوم التالى فى شرم الشيخ.و هى قلعة حصينة بجوار بيتنا المتواضع.

لهذه الأسباب ، و للكذب فى غير مكانه ، و لبداية رئيس التحرير حياته المهنية بتدمير سمعة كاتب كتب لهم أو بالأحرى لوطنه بقوتنا و رزقنا و مستقبلنا ، و لتحالفه مع الإرهاب ضدنا ، و لتشويهه المتعمد لوالدنا سواء فى نافذة روزاليوسف و لدينا صورة منها أو لكذبه فى الفضائيات ، و تسخيره مجلة قومية لإفراغ حقده وحده ، فإننا نطالب نقابة الصحفيين بإتخاذ الموقف المحترم الملائم ، أو أن نطلب محاكمتنا جميعا نحن ووالدى و روزاليوسف أمام القضاء لتفصل فى مدى سلامة وثائقنا ، و لتفصل بشأن رئيس تحرير روزاليوسف الجديد و رئيس مجلس إدارتها الجديد أمام الشرف الصحفى أو الحقوق القانونية و نحن على إستعداد تام بوثائقنا للمثول أمام القضاء.حاكموهم أو حاكمونا لتثبوتوا أن للصحافة فى مصر شرفا لا يصح تلويثه كما فعلت روزاليوسف.

أما الذين إنتهزوا فرصة صمت والدى ، و صمته رهيب مهيب لا يعلمه إلا الله ما نراه عليه و هو يدخل مكتبته شاخصا ليثبتوا عنتريات كاذبة ، أقول لهم فلتملأوا الفراغ الذى تركه والدى علما و ثراءا و تجديدا من أجل أوطاننا ، بدل من أن تروا كل أركان الجريمة ماثلة أمام عيونكم فتلتمسوا لها التبريرات و تصبوا على والدى أمراضكم النفسية ، إن كل من وقف هذا الموقف الوضيع هو بالضرورة حليف للجانى بكل المعانى.

سلوى سيد القمنى

Posted by: redqatar | 2009/11/23

إله السماء مهندس فاشل

الكاتب: كامل النجار
المصدر في الحوار المتمدن

يزعم إله السماء أنه خلق الأرض والسماء والحيوانات والنباتات، فنستطيع أن نقول إنه مهندس الكون. وكل مهندس يحترم نفسه لا بد له من مكتب أو معمل به لوح كبير يرسم فيه الأفكار التي تخطر له عندما يفكر في بناء ماكينة أو سيارة، وعندما تكتمل الفكرة ويجري عليها كل الحسابات ويتأكد من صمودها للاختبار، يبني مكينة أو سيارة واحدة يسميها prototype ويجري عليها التجارب العملية أي الاختبارات، فإذا أثبتت فعاليتها وصلاحيتها لما صُممت من أجله، يبدأ الانتجاج التجاري وإلا تُعاد الماكينة إلى لوح الرسومات drawing board مرة أخرى لإجراء التعديلات اللازمة عليها.
فإذا أخذنا مهندس الكون الذي زعم أنه خلق الأرض والسماء، نجده يزعم أن له لوحاً محفوظاً فوق العرش قد كتب فيه كل شيء عن مخلوقاته، وكتب فيه كتبه المقدسة، ومن وقت لآخر يمحو أشياء من ذلك اللوح ويكتب أشياء جديدة مكانها، (يمحو الله ما يشاء ويُثبّت وعنده أم الكتاب) (الرعد 39). فيبدوا أنه يجري بعض التجارب أو يغيّر رايه بخصوص بعض الأشياء التي كان قد قررها، فيمحو ما قرره من قبل ويكتب مكانه القرار الجديد. إلى هنا يبدو إله السماء كالمهندس البشري، إلا أنه يختلف عن المهندس البشري بأنه زعم أنه أحسن كل شيء خلقه (الذي أحسن كل شيء خلقه وبدأ خلق الإنسان من طين) (السجدة 7).
وكذلك نجده يقول بعد أن خلق الأرض: (وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين) (فصلت 10). فهو بعد أن خلق الأرض واطمأن لصمودها وعرف أنها سوف تؤدي الوظيفة التي خُلقت من أجلها، بارك فيها، وهذا هو ختم الجودة، ثم قدر فيها أرزاقها في أربعة أيام. وإذا عرفنا أن اليوم الإلهي يساوي ألف عام مما نعد (يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون) (السجدة 5)، وفي بعض الروايات خمسين ألف عام مما نعد (تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة) (المعارج 4)، نجد أن المهندس قد أهدر آلاف السنين في خلق الأرض وتقدير أقواتها للبشر والحيوانات والحشرات، فلا بد أن تكون هذه الأرض في غاية دقة الصنع وفي غاية الجودة كذلك لأنه قضى آلاف السنين في خلقها.
ولكنا نعرف الآن أن الأرض عندما بردت نزلت درجة حرارتها إلى ما تحت الصفر وغطاها الجليد عن بكرة أبيها، فلم يكن هناك قوت كافي لا للحيوان ولا للإنسان، وقد أدى ذلك إلى موت كثير من الحيوانات والبشر. ثم ذاب الجليد وانتهى العصر الجليدي الأول ليتبعه عصر جليدي ثاني ثم ثالث، انتهى قبل حوالي أربعة عشر ألف عام. وعندما خرج الإنسان من كهوفه وجد أن الأرض جميعها تغطيها الغابات الكثيفة التي لا تصلح إلا للحيوانات. فتعلم الإنسان صيد الحيوانات وأكل لحومها وعاش عليها إلى أن اكتشف الزراعة حديثاً.
فيبدو أن تدبير الأقوات لم يراعِ فيه اختلاف النوعية، فالديناصورات والأفيال وغيرها كان يرفع رأسه ألى أقرب شجرة ويأكل، بينما الإنسان كان عليه أن يركض، ربما لأيامٍ خلف حيوان صغير يصطاده..
ومع مرور الزمن تصحرت أجزاء كبيرة من الأرض لأن المهندس لم يكن قد أعد لها ما يكفي من الماء. والآن أكثر من ثلث الأرض اليابسة صحراء لا تصلح لعيش الإنسان ولا الحيوان. فهناك الصحراء الكبرى في شمال إفريقية ومساحتها 3.5 مليون ميل مربع (9 مليون كيلومتر مربع). وهناك الصحارى في شبه الجزيرة العربية ومساحتها مليون ميل مربع. وهناك صحراء جوبي Gobi في الصين ومنغوليا، ومساحتها نصف مليون ميل مربع. ومجموع مساحة صحارى أستراليا (Great Victoria, Gibson & Simpson) 576000 ميل مربع. إضافة إلى الصحارى الصغيرة في جنوب غرب إفريقيا وفي أمريكا الشمالية، والأجزاء التي يغطيها الجليد على مدار العام: Antartica ومساحتها خمسة مليون ونصف المليون ميل مربع، و The Arctic ومساحتها 5.4 مليون ميل مربع. وما زالت الصحارى في اتساع وعدد السكان في ازدياد مضطرد. فإذاً الأرض لا تكفي تماماً لما خُلقت من أجله، وهو إطعام الإنسان والحيوان، وكلاهما يموت الآن في المجاعات. ومع ذلك يقول لنبيه أن يقول لنا (تناكحو، تناسلوا، فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة). فمن أين نطعم هذه الأفواه الجائعة؟
بالإضافة إلى ذلك نجد أن قشرة الأرض بها مناطق ضعف يسمونها Fault lines يسبب احتكاكها مع بعضها البعض زلازلاً تقتل كل سنة آلاف الأبرياء من البشر والحيوانات الذين لا ذنب لهم سوى أن بلدانهم تقع بالقرب من تلك الخطوط. وخطوط الضعف التي تحت البحار تسبب التسونامي الذي رأينا ما يسببه من دمار عندما ضرب إندونيسيا. فلو كان الذي صمم هذه الأرض مهندس من البشر لقدمناه إلى محاكمة عاجلة بسبب سوء التخطيط والاستعجال في خلق الأرض قبل أن يتأكد من صلاحيتها لما خُلقت من أجله، رغم العدد الهائل من السنين التي قضاها في الخلق. فنحن الآن نقرأ عن مهندسين في اليابان وفي مصر التي يكثر بها انهيار العمارات، يقدمون إلى المحاكمات لأن تصميم عماراتهم لم يكن بالجودة المتوقعة لتصمد أمام الزلزال أو أمام ازدحام الناس بها.
ثم بعد خلق الأرض والسماء، وسوف أترك السماء الآن لأنها مصطلح يصعب تحديد معناه، خلق إله السماء، أو زعم أنه خلق، الإنسان والحيوان. ولماذا خلق الإنسان؟ (وما خلقت الجنَ والإنسَ إلا ليعبدونِ) (الذاريات 56). فما دام السبب الرئيسي الذي من أجله خلق إله السماء الإنسان هو العبادة، كان يجب على المهندس أن يتأكد أن هذا الإنسان وذلك الجن سوف تتم برمجتهم بحيث يؤدون الوظيفة التي خُلقوا من أجلها. وقد بدأ هنا كما يبدأ مهندس البشر بأن صمم prototype واحد وهو آدم وحواء واختبرهما بالشجرة المحرمة، ووجد أنهما لا ينصاعان لأوامره، ولكن بدل أن يعيدهم إلى لوح التصميم ليعيد تصميمهما، إنزلهما إلى الأرض وتركهما.
وبما أن المهندس كان في عجلة من أمره وخلق الجن والإنس دون أن يتأكد من برمجتهم، تمردوا عليه. إبليس تحداه ورفض السجود ثم حاججه وبعد ذلك طلب منه أن يمهله حتى يوم يبعثون، فاستجاب المهندس لطلبه لأنه لم يكن يملك خياراً آخراً. أما الإنسان فقد عصاه كذلك من أول يوم في الجنة واستمر في عصيانه على الأرض التي جعله خليفته عليها. بل تحداه وأصبح عدوه اللدود (من كان عدواً لله وملائكته ورسله وجبريل وميكائيل فإن الله عدو للكافرين) (البقرة 98). وعندما أُسقط في يد المهندس بدأ بإرسال الرسل في محاولة يائسة لإصلاح الإنسان وإعادته إلى الجادة كي يعبد المهندس. وأخيراً اضطر المهندس بعد أن أرسل 124000 نبي ورسول أن يقر بالفشل، فقال:
ولقد صرفنا للناس في هذا القرآن من كل مثل فأبى أكثر الناس إلا كفورا (الإسراء 89)
ولقد صرفناه بينهم ليذكروا فأبى أكثر الناس إلا كفوراً (الفرقان 50)
وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين (يوسف 103)
وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون (الأنعام 116)
وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون (يوسف 106)
وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين (يوسف 103)
فنستطيع، بكل تأكيد، أن نقول إن المهندس قد فشل فشلاً ذريعاً فيما كان يطمح إليه من خلق الإنسان الذي أصبح عدواً مبينا بدل أن يعبد المهندس. وإذا رجعنا إلى صنع الإنسان نفسه، نجد أن المهندس لم يحسن التصميم إطلاقاً. وقد كنا نفترض أن المهندس كان عالماً بما سوف يصير من تكاثر الناس على الأرض ومن قلة مصادر القوت، خاصة بعد التصحر المتزايد. فكان عليه أن يصمم إنساناً في درجة عالية من الإتقان في استعماله للطاقة التي نستمدها من الطعام المتناقص بسبب التصحر. ولكن واقع جسم الإنسا يُثبت أن أكثر من نصف الطعام الذي يستهلكه الفرد يتبدد في شكل حرارة لا يستفيد منها الجسم، بل قد تضر به كما يحدث سنوياً في موسم الحج عندما يموت الحجاج من ضربة الشمس heat exhaustion. ففي مثل هذه الحالات، ونسبة للزحام وارتفاع حرارة الطقس في الصيف وهرولة الحجاج، ينتج الجسم كمية من الحرارة فائقة ترفع درجة حرارة الجسم لما فوق الأربعين درجة مئوية، فتتوقف الإنزايمات (الخمائر) عن العمل ويموت الإنسان.
فالمهندس الذي صمم الجسم لتعمل إنزايماته بين درجات الحرارة 36 إلى 40 درجة مئوية، كان عليه أن يصمم استهلاك الطاقة بحيث يصرفها الجسم في توليد الحركة فقط بدل أن يذهب أكثر من نصفها في شكل حرارة غير مفيدة قد تعطل عمل الخمائر. الرجل متوسط الحجم والوزن ينتج من الطاقة 686 kcal/mol وأقل من نصف هذه الكمية يستعمله الجسم في أداء وظائفه وتخزين جزء منها بينما يذهب الباقي هدراً في شكل حرارة (http://www.elmhurst.edu/~chm/vchembook/5900verviewmet.html)
ونقطة أخرى مهمة في جسم الإنسان أخطأ فيها المهندس لأنه لم يجرِ أي دراسات على تصميمه، هي كمية الحيوانات المنوية التي يفرزها الرجل أو الحصان، مثلاً، عند الجماع. فالمرأة أو انثى الحيوان تفرز بويضة واحدة بينما يفرز الرجل في المتوسط خمسمائة مليون حيوان منوي عندما يقذف، ويفرز الحصان ثمانية مليارات من الحيوانات المنوية، ولا يدخل البويضة غير حيوان منوي واحد فقط ليلقحها
http://everything2.com/index.pl?node_id=557413
تخيل كمية الطاقة التي تصرفها الخصيتان لتكوين كل هذه الحيوانات المنوية وكمية الطاقة التي يخزنها كل حيوان منوي لتمكنه من السباق نحو البويضة، وكل هذه الحيوانات تموت بعد أن يسبقها واحد فقط ليدخل البويضة. أي مهندس بشري ينتج آلة بهذا الحجم من تبديد الطاقة لا يمكن أن يستمر في العمل مع أي شركة.
وخلق المهندس في جسم الإنسان الزائدة الدودية التي تساعد الحيوانات آكلة العشب على هضم وامتصاص الطعام بينما الزائدة ليس لها أي مهمة معروفة في جسم الإنسان، وقد يحدث بسببها موت الإنسان إذا التهبت ولم يشخص الطبيب الحالة بالسرعة المتوقعة. وهناك حالات عديدة من الأخطاء التي يمكن أن تصيب الجنين في طور التكوين، منها التصاق التوأمين في الرأس أو الصدر أو البطن، وما ينتج من ذلك من معاناة للتوامين تنتهي بموتهما معاً في أغلب الأحيان.
عندما يصمم المهندس سيارة أو طائرة، يصب جل اهتمامه على الماكينة التي تسيّر السيارة أو الطائرة، ولكنه لا ينسى المظهر العام والشاسيه والكوابح الخ، ولكن يبدو أن مهندس الكون قد اهتم بالشاسيه أكثر من اهتمامه بالمكينة عندما صمم الإنسان. إذا كسر الإنسان عظماً يلتئم ذلك العظم ويرجع كما كان، وإذا جرح جلده يلتئم ذلك الجرح وربما يترك علامة بالجلد تدل على مكان الجرح. ولكن إذا قطع الشخص نخاعه الشوكي أو أتلف دماغة في حادث، وهذه هي الماكينة التي تسيّر الإنسان، فإن ذلك العطب لا يمكن إصلاحه. هل يُعقل أن يصمم مهندس بشري سيارة لا يمكن إصلاح العطب بماكينتها؟

هذه أمثلة بسيطة لسوء تخطيط مهندس السماء الذي كنا نربأ به من أن يرتكب مثل هذه الأخطاء لو كان فعلاً هو الذي خلق الكون ودبره تدبيراً. ويصبح من السهل علينا أن نثبت الآن أن مهندس الكون قد قدم لنا مزاعم بعيدة عن الحقيقة عندما قال إنه أحسن كل شيء خلقه.

Posted by: redqatar | 2009/11/23

الصلاة ليست إيحاءً إلهياً

الكاتب : كامل النجار

المصدر في الحوار المتمدن

الصلاة هي مناجاة الإله وطلب ما يحتاج إليه الإنسان من ربه، مع الشكر لذلك الرب على نعمائه. وهي عبادة مفروضة على من يؤمن بالآلهة، سواء أكان هؤلاء الآلهة في السماء أو على الأرض، أو على قمم الأولمب الأثينية. وقد كتب عدد كبير من الكُتّاب عن الصلاة وتاريخها، منهم الدكتور جواد علي الذي أبدع في كتابة "تاريخ الصلاة". ولكني أود في هذا المقال التركيز على الصلاة في الإسلام وتدرج تشريعها، ومناقشة إذا كان هذا التشريع فعلاً تشريعاً إلهياً.
إذا كان الأنبياء مرسلون من عند إله في السماء يعلم الغيب وما يخفى، فلا بد لمثل هذا الإله أن يوحي لأنبيائه بتشريعات يعرف الإله مقدماً أنها تشريعات مفصلة ومحكمة وتمثل ما يريده ذلك الإله، خاصةً إذا كان التشريع يتعلق بالطريقة التي يريد الإله من الناس أن يعبدوه بها. ومثل هذه التشريعات لا تحتاج تدرجاً في سنها لأنها طقوس عبادة لا تمس ما تعارف عليه المجتمع من قوانين تجارة أو امتلاك العبيد أو قوانين العقاب التي توصلت إليها المجتمعات بعد آلاف السنين من التجارب والأخطاء، وبالتالي يصعب عليهم التخلي عنها دفعة واحدةً ولذلك من المحتمل عقلاً أن يتدرج التشريع الجديد في مثل هذه الأشياء.
ولكن طريقة العبادة لا تتغير كما تتغير التشريعات الأخرى إذا استجد في المجتمع ما يبرر ذلك. فقد نفهم أن يتدرج الإسلام، مثلاً، في تحريم الخمر لأن شرب الخمر كان سائداً في المجتمع وقد يقف تحريمها حائلاً بين قبول الإسلام وبين الذين يحبون الخمر. والتشريعات الإسلامية عامةً، نادراً ما جاءت مكتملة، أغلبها جاء متقطعاً وفي جرعات صغيرة إن دلت على شيء فإنما تدل على أن محمد كان يتعلم هذه التشريعات من الممارسة ومما يسمعه أو يراه بعد أن يسن التشريع الجديد، فيغير ويبدل في التشريعات بما تقتضيه ظروف الحوادث. فالصيام مثلاً بدأ بصيام يوم عاشوراء، كما يفعل اليهود، ثم صار صيام يوم كل شهر، ثم صيام عشرة أيام في رمضان، ثم شهر رمضان كله.
. فلماذا تدرج محمد على مدي عدة سنوات في فرض الصلاة وفي استكمال ركعاتها وأوقاتها؟ والجواب الحقيقي هو أن محمد لم يكن يعرف ما هي الصلاة. كل ما كان يعرفه أن اليهود والنصارى كانوا يصلون. يقول ابن رشد القرطبي عن الصلاة (الصلاة عبادة محضة غير معقولة المعنى يقصد منها القربى فقط، لذلك لا يسأل المؤمن لماذا كان عددها خمسا ولماذا تفتقر إلى النية.) وما دامت الصلاة عبادة محضة لا تخضع للعقل، كان من المفروض أن ينزل الله تشريعها مكتملاً دون أن يخشي على رسوله من سؤال المؤمنين عنها، ولكنه لم يفعل.
وأول ذكر للصلاة جاء في القرآن كان في سورة الإسراء وجاء فيها (أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إنّ قرآن الفجر كان مشهودا) (الإسراء 78). ونحن نعرف أن سورة الإسراء جاءت في آخر سنوات محمد بمكة، أي في حوالي السنة العاشرة من بدء الرسالة. وهذا هو الزمن الذي فرض فيه محمد الصلاة، بعد موت خديجة في السنة العاشرة من بدء الرسالة (شذرات الذهب للدمشقي، ج1، ص14). وعندما فرضها كانت في الفجر وفي غسق الليل. وكانت ركعتين في الفجر وركعتين في الغسق.
وتعلم محمد الركوع والسجود من جماعة من اليهود يقال لهم (السامريون) The Samaritans. كانت هذه الفرقة من اليهود يركعون ويسجدون، تماماً كما يفعل المسلمون الآن (الشخصية المحمدية لمعروف الرصافي، ص 451). وقد أصبحت صلاتهم تلك من العبادات القديمة جداً فتخلى عنها أغلبهم ولكن هناك فرقة ما زالت تمارس هذا النوع من الصلاة. (أنظر الفيديو على هذا الموقع http://www.youtube.com/watch?v=0aHWASyMjwg
وبناءً على ما تعلمه محمد من هذه الفئة من اليهود، جاء بآيات في القرآن مثل (يا مريم اقنتي إلى ربكِ واسجدي واركعي مع الراكعين) (آل عمران 43) لأن مريم كانت يهودية وافترض محمد أنها كانت تصلي صلاة السامريين ذات الركوع والسجود. وأصبحت صلاة المسلمين تتكون من قراءة القرآن والركوع والسجود. ولكنها ما زالت ركعتين في الصباح وركعتين في المساء (السيرة النبوية لابن هشام، ج2، ص 86)..
ثم جاء في شرح سورة الإسراء، التي كانت تنزل في شكل آيتين أو ثلاث على فترات متقاربة، أن الله فرض على أمته خمسين صلاة ولكن بعد تدخل موسى ورجوع محمد إلى الله عدة مرات طالباً تخفيض الصلاة على أمته، انتهى التشريع بخمس صلوات في اليوم، ورغم ذلك طلب موسى من محمد أن يرجع إلى الله ويطلب تخفيضها لأن خمس صلوات في اليوم كثيرة على عباده، ولكن محمد اكتفي بالخمس لأنه استحى أن يسأل الله تخفيضاً أكثر
وفي بداية الأمر كانت الخمس صلوات ركعتين في كلٍ إلى أن هاجر محمد إلى المدينة. والسبب في أنه اختار خمس صلوات هو اتصاله بالفرس في أثناء ترحاله في التجارة، وعرف منهم أن صلاتهم خمس مرات في اليوم (صلاة الفجر "كاه أشهن" وصلاة الصبح "كاه هاون" وصلاة الظهر "كاه رقون" وصلاة العصر "كاه أزيرن" وصلاة الليل "كاه عيوه سرتيرد") (ديورانت، قصة الحضارة، المعتقدات، ص 395، نقلاً عن حسن عياش، الحياة الدينية عند العرب قبل الإسلام، رسالة الدكتوراة).
وفي السنة الأولى من قدومه إلى المدينة زاد صلاة الحضر إلى أربع ركعات في الظهر، وأربع في العصر وأربع في العشاء- وكانت صلاة الحضر والسفر ركعتين (المنتظم في التاريخ لابن الجوزي، ج3، ص 14). ولكنه صلى الصبح ركعتين كما كان، وزاد ركعةً في المغرب. ثم زاد صلاة الضحى، وصلاها كما يقول مجاهد ركعتين، وأربعاً، وستاً وثمانياً (زاد المعاد لابن قيم الجوزية، ج1، ص 153). ويظهر من هذا أنه كان يصلي الضحى حسب المزاج من ركعتين إلى ثماني ركعات.
ثم أشكل على الناس موضوع القراءة في الصلاة، إذ كان محمد يقرأ في بعض الصلوات ولا يقرأ في الأخرى، فكان ابن عباس لا يقرأ في صلاة السر وقال ("قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلوات وسكت في أخرى" فنقرأ فيما قرأ ونسكت فيما سكت. وسئل هل في الظهر والعصر قراءة؟ فقال: لا، وأخذ الجمهور بحديث خباب "أنه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الظهر والعصر، قيل فبأي شيء كنتم تعرفون ذلك؟ قال: باضطراب لحيته") (بداية المجتهد ونهاية المقتصد، لابن رشد القرطبي، ج1، ص 90). فمحمد لم يخبر أصحابه أنه كان يقرأ في السر في الركعات التي لم يسمعوه يقرأ فيها جهراً، وإنما تخيل بعضهم أنه كان يقرأ سراً لأن لحيته كانت تضطرب، بينما قال ابن عباس إنه لم يكن يقرأ في السر. فلو كان فعلاً يقرأ القرآن في الظهر والعصر سراً لوجب عليه أن يخبر أصحابه. ثم ماهي الحكمة في قراءة السر في بعض الركعات، هل كان الله يخشى أن يسمع الكفار قراءة القرآن، مثلاً. ليس هناك أي سبب منطقي يجعل بعض الركعات سراً وبعضها جهراً، غير ما تعلمه محمد من اليهود الذين يعتبرون الصمت في بعض ركعات الصلاة نوعاً من الخشوع http://www.geocities.com/buddychai/Religion/JewishPrayer.html?200913
وأما صلاة الفجر ذات الركعتين فكان اختلاف الصحابة في القراءة في الركعتين كبيراً، ففي صفة القراءة المستحبة فيهما، ذهب مالك والشافعي وأكثر العلماء إلى أن المستحب فيهما هو الإسرار، وذهب قوم إلى أن المستحب فيهما هو الجهر (بداية المجتهد لابن رشد القرطبي، ج1، ص 148). فلم يكن أحد في حياة محمد يعرف إذا كانت القراءة في الركعتين سراً أم جهراً.
وفي البدء كان أصحاب محمد يتكلمون في الصلاة كما قال زيدِ ابن أرقم: (كنَّا نتكلَّم فى الصَّلاة، يُكلِّم الرَّجُلُ صاحبه، وهو إلى جنبه فى الصلاة حَتَّى نَزَلَتْ: {وَقُومُواْ للهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238]، فأُمِرْنَا بالسُّكُوتِ، وَنُهِينَا عَنِ الكَلاَمِ) (زاد المعاد، ج3، ص 12). فحتى نزول سورة البقرة (بدأ نزولها في السنة الثانية بعد الهجرة واكتملت بعد حوالي ست سنوات) كانوا يتحدثون في الصلاة ويبصقون كأنهم بالأسواق، وهذا يؤكد أن الإمام (النبي) لم يكن يقرأ في كل الصلوات جهراً لأنه لو قرأ جهراً لاستمعوا له بدل أن يتكلموا.
وبعد الهجرة بدأت غزوات الرسول وكثر السفر فصارت الصلاة العادية مشقة على المسافرين وفيها تأخير عليهم، وكان محمد يعرف أن اليهود كانوا يقصرون صلاتهم في السفر (Mishna Berachoth IV.4, cited in The Origins of the Koran, Ibn Warraq, p 183)
ولذلك أتى محمد بالآية التي تقول (وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا في الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا) (النساء 101). وسورة النساء نزلت حوالي السنة الرابعة بعد الهجرة، أي بعد سبع عشرة سنة من بدء الرسالة. وأباح لهم قصر الصلاة إذا خافوا أن يهجم عليهم الذين كفروا. لكن فيما بعد أصبح المسلمون يقصرون الصلاة بناءَ على المسافة التي يسافرها المسلم وليس بناءً على خوفه أن يفتنه الذين كفروا.
ولكن هذا التشريع كان مطاطاً ولم يلتزم به محمد ولا عائشة ولا ابن مسعود ولا عثمان (حج بالناس هذه السنة عثمان وضرب فسطاطه بمنى ، وكان أول فسطاطٍ ضربه عثمان بمنى ، وأتمّ الصلاة بها وبعرفة فكان أول ما تكلم به الناس في عثمان ظاهراً حين أتمّ الصلاة بمنى فعاب ذلك غيرُ واحدٍ من الصحابة) (الكامل في التاريخ للمبرد، ج2، سنة 29، ذكر إتمام الصلاة). (روى هشام بن عُروة، عن أبيه، أنها {عائشة} كانت تُصلي في السفر أربعاً، فقلت لها: لو صليتِ ركعتين، فقالت: يا ابن أختي! إنه لا يشق عليَّ.) (زاد المعاد لابن القيم، ج1، ص 220).
(قال الشافعي رحمه اللّه: لو كان فرضُ المسافر ركعتين، لما أتمها عثمان، ولا عائشة، ولا ابنُ مسعود، ولم يَجُزْ أن يُتمها مسافر مع مقيم، وقد قالت عائشة: كلُّ ذلك قد فعل رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، أتم وقصر، ثم روى عن إبراهيم بن محمد، عن طلحة بن عمرو، عن عطاء بن أبي رباح، عن عائشة قالت: كُلّ ذلك فعل النبي صلى الله عليه وسلم، قصر الصلاة في السفر وأتم) (زاد المعاد لابن قيم الجوزية، ج1، ص 220). فيبدو أن التشريع كان بشرياً محضاً ولم يكن إلهياً، وكان تنفيذه حسب المزاج. وهذا هو الإمام الشافعي يشكك في أن قصر الصلاة كتن تشرعاً ربانياً.
وبما أن أهل المدينة لم تكن لهم حرفة ولا تجارة تشغلهم طوال اليوم غير الغزوات، رأى محمد أن يستغل أوقات فراغهم عندما لم يكونوا غازين، في الصلاة، فزاد عليهم عدة صلوات أخرى سماها نوافل. فبعد أن طلع ونزل بين السموات عدة مرات في محاولته تقليل عدد الصلوات، واكتفي بخمسة في اليوم، قرر أن يزيدهم، فأتى بصلاة الوتر وقال أن الله قد زادها عليهم ففي حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "إن الله قد زادكم صلاة وهي الوتر فحافظوا عليها") (بداية المجتهد لابن رشد، ج1، ص 64). فكيف يزيد الله صلاة إضافية على المسلمين بعد أن أنقصها من خمسين إلى خمسة لأن المسلمين لا يطيقون أكثر من خمسة صلوات، كما توسل له محمد؟
ثم زادت النوافل حتى قال الإمام الخميني إن الركعات المندوبة أكثر من أن تُحصى، ومنها الرواتب اليومية وهي ثمان ركعات للظهر قبله، وثمان للعصر قبله، وأربع للمغرب بعده، وركعتان من جلوس للعشاء بعده، وركعتان للفجر قبله، وأحدى عشرة ركعة نافلة الليل، وصلاة الليل ثمان ركعات، ثم ركعتا الشفع، فعدد ركعات النوافل أربع وثلاثون ركعة، ضعف عدد الفرائض) (تحرير الوسيلة للخميني، ج1، ص 123).
فهل هناك أي سبب منطقي يجعل محمد يصعد وينزل ويساوم الله لتقليل عدد الصلوات اليومية، ثم يزيد الله ضعفها فيما بعد، تماماً كما يفعل السياسيون الآن عندما يعدون بتقليل الضرائب المباشرة كي يكسبوا الأصوات في الانتخابات، وبمجرد استلامهم الحكومة يخفضون الضرائب المباشرة، كما وعدوا، ولكنهم يزيدون في الضرائب غير المباشرة أضعاف ما نزلوه من الضرائب المباشرة؟
ثم هناك صلاة الكسوف وصلاة الخسوف، وصلاة العيدين، وصلاة الاستسقاء وصلاة الاستخارة وصلاة تحية المسجد، وصلاة الفتح وصلاة الجنازة. وهذه الصلاة كانت عبارة عن أوكازيون في عدد تكبيراتها، (كان النبي صلى الله عليه وسلم يكبر على الجنائز أربعا وخمسا وستا وسبعا وثمانيا حتى مات النجاشي، فصف الناس وراءه وكبر أربعا، ثم ثبت صلى الله عليه وسلم على أربع حتى توفاه الله) (بداية المجتهد لابن رشد القرطبي، ج1، ص 169). فلولا موت النجاشي لظل عدد التكبيرات غير معروف.
ثم كان هناك موضوع الآذان للصلاة، (وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة إنما يجتمع الناس إليه للصلاة لحين مواقيتها، بغير دعوة، فهمَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدمها أن يجعل بوقاً كبوق يهود الذين يدعون به ، لصلاتهم ، ثم كرهه ثم أمر بالناقوس ، فَنُحِتَ ليُضرب به للمسلمين للصلاة . وبينما هم على ذلك جاء عبد الله بن زيد بن ثعلبة للنبي وقال إنه رأى في المنام رجلاً يحمل ناقوساً وأراد عبد الله أن يشتريه منه للصلاة، فقال له الرجل هل أدلك على خير من ذلك، وذكر له الأذان) (سيرة ابن هشام، ج4، ص 36). فالأذان لم يوحيه الله لمحمد وإنما حلم به مسلم عادي.
أما القبلة التي يصلون عليها فقد بدأها ببيت المقدس كما كانت تفعل اليهود، ثم حولها إلى الكعبة بعد حوالي سنتين في المدينة، وعندما كان يسافر في غزواته كان يصلي على ناقته في بعض الأحيان وتكون قبلته في اتجاه سير الناقة (.عن ابن عمر، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُصلي في السفر على راحلته حيثُ توجهت، يُومئ إيماءً صلاةَ الليل، إلا الفرائضَ ويُوتر على راحلته (زاد المعاد لابن القيم، ج1، ص 221). ولما استفسر الصحابة عن ذلك أتى لهم بالآية التي تقول (ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله إن الله واسع عليم) (البقرة 15).
فيتضح من هذا السرد أن تشريع الصلاة كان خبط عشواء دون أي تخطيط يليق بأله في السماء قد فرض ذلك التشريع. ويكفي هذا التخبط بإقناع أي إنسان لا يفكر بعاطفته بدل عقله أن محمداً لم يكن يتلقى وحياً من السماء وإنما كان يطور التشريع حسب ما يتعلمه مع مرور الزمن واحتكاكه بالأفراد الذين أتوا من ثقافات مغايرة مثل سلمان الفارسي وحذيفة بن اليمان. فالتشريعات الإلهية يجب أن تكون مدروسة قبل أن تنزل للأنبياء، ويجب كذلك أن تكون ثابتة ولا تتغير إلا إذا تغيرت الظروف الاجتماعية بعد مئات السنين، لأن الإله يعلم ما سوف يكون مستقبلاً.

من بين الايات , التى طالما تسببت لي في عسر هضم فكري حاد , اثناء دراسة القرآن , تبرز الاية رقم 33 في سورة النور والتى تقول “وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاء إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِّتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَن يُكْرِههُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌِ ” . وكان الجزء المتعلق بالبغاء ,- والذى يبدو أنه قد أقحم أقحاما على النص , وبصورة لا تتناسب مع سياق الاية – يشكل لغزا عصيا بالنسبة لي ..الاية موجهة للمسلمين ,فما علاقة المسلمون بالبغاء ؟؟
الجواب الجاهز لدى مدرس الدين انذاك ,هو ان البغاء- الدعارة – كان من الظواهر اللااخلاقية التي كانت منتشرة في الجزيرة العربية في العصر الجاهلي, والتي جاء الاسلام لمحاربتها والقضاء عليها قضاء مبرما ..الظاهرة – كما شرح الاستاذ – كانت موجودة في مكة عندما تلقى محمد ” الرسالة ” , كما انها كانت موجودة ايضا في يثرب عندما هاجر اليها الرسول محمد , حيث كان لدى بعض من تظاهروا بالاسلام ( المنافقين ) مواخير تعمل فيها فتياتهن أى امائهن – وهن الرقيق من النساء . وان الاية نزلت لتأمرهم بالكف عن تلك الافعال الشنيعة التى تتناقض مع اركان الدين , و تشوه صورة الاسلام والمسلمين .
ولكن هذا الجواب , أثار بدوره العديد من الاسئلة . وخاصة فيما يتعلق بالقضاء المبرم على تلك الظاهرة .لان الاية تركت الباب مفتوحا – من الناحية التشريعية – لمالكى الفتيات في ان يستمروا في مزاولة تجارتهم طالما ان الفتيات موافقات على ممارسة البغاء , اى برضاهن .فان اردن- أى الفتيات – تحصنا , ورفضن الاستمرار في ممارسة الدعارة , فان على المالك ان لايكرههن على فعل ذلك , والا ..والا ماذا ..لاشىء.. لان الله غفور رحيم !!
. وبعبارة اخرى ان الاسلام يتدخل في حالة اكراه الفتاة غير الراغبة بممارسة الدعارة , بتقديم النصيحة لمالكها فقط , وما عدا ذلك فان الله غفور رحيم .!!
هل يعقل هذا ..دعارة وبغاء وزنا في الاسلام ..عينى عينك هكذا ..وفي عهد من ..عهد الرسول محمد الذى اشترط على المؤمنات لدخول الاسلام عدم ممارسة الزنا ؟؟
هذه الاسئلة كانت على طرف لساني , ولكنني لم اجرؤ على طرحها بالطبع .. وانما احتفظت باسئلتي لنفسى , واخذت اطور لنفسي نظرية خاصة للخروج من هذا التناقض . كان الحل الوحيد في وجهة نظرى انذاك , ان الاسلام قد وضع الارضية المناسبة لحل هذه المعضلة, مثلما فعل مع اصل المشكلة أى العبودية . حيث راهن الاسلام , على سمو اخلاق المسلمين , ووضع لهم الحوافز الاخلاقية والدينية , ورغبهم في عتق العبيد والاماء , فاذا ما تم تحرير جميع العبيد والاماء , فلن يعود هناك من سيد يجبر امته على البغاء , ولن تكون هناك امة تمارس الدعارة بعد اخذ موافقة مالكها .. اليس كذلك .؟؟؟ حل معقول , ولكنه حل زمني , اي يحتاج الي وقت لتحققه , والي ان يتم ذلك , كان على الرسول محمد ان يتحمل وجود دور الدعارة في المدينة , ويغض النظر عنها , وعن ما يحدث فيها من ممارسات يندى لها الجبين ؟؟ وهكذا عدت الي نقطة البداية , ولم استطع تجاوزها , الا بعد ان اخذت انظر الي الاسلام , ومحمد , نظرة اكثر واقعية , نظرة انسانية , تضع الامور في سياقها التاريخي الصحيح .ولنعد مرة اخرى الي الاية السابقة ونبحث في الظرف التاريخي الذى نزلت فيه ;
يذهب معظم مفسري القرآن , الي ان ذلك الجزء من الاية الوارد في سورة النور المتعلق بالبغاء , انما قد نزل في عبدالله بن ابي بن سلول , الذي كان سيد الخزرج , وكاد ان يصبح ملكا على يثرب , لولا قدوم محمد اليها , مما قضى على طموحاته السياسية . ويجمع المسلمون – الذين قلما اجمعوا على شىء – على ان ابن سلول , هو راس المنافقين , الذين دخلوا الاسلام في الظاهر , وناصبوه العداء في الباطن .وكان لابن سلول مواقف مشهوده , تجرأ فيها على محمد واهانه وتآمر عليه . و في المقابل كان محمد , يكظم غيظه ويحاول ان يتفادى الدخول في صراع مكشوف مع ابن سلول باى طريقة كانت, لانه كان يدرك ان مواجهة من هذا النوع , تستثار فيها النعرات والعصبيات , ستطيح باحلامه باقامة الدولة الاسلامية المنشوده . وفي هذا السياق , حدثت القصة التالية ;
كان لابن سلول اماء يساعين – اي يمارسن البغاء – وكان ياخذ منهن ما يحصلن عليه من اجر , واذا حبلت اي منهن نتيجة ممارسة الزنا , كان ياخذ المولود , يربيه ويبيعه . وكان هذا امرا شائعا لدى العرب انذاك , ولا ينقص من قدر الرجل الذى يقوم به – بدليل ان اهل يثرب كادوا ان ينصبوا ابن ابي سلول ملكا عليهم . ويبدو ان الكيل قد طفح باحدى الاماء , فقررت التمرد والثورة على ذلك الوضع المزري الذى كانت تعيشه , ويروي الطبري في تفسيره لسبب نزول هذه الاية أن ” أمة لعبدالله بن أبي , امرها فزنت , فجاءت ببرد , فقال لها ارجعي فازني , فقالت والله لا افعل , ان يك هذا خيرا ( أى الزنا ) فقد استكثرت منه , ان يكن شرا فقد آن لي أن ادعه ” .
واما ابن كثير فيورد قصة اكثر دلالة اذ يشيرالي انه بعد غزوة بدر وقع في نصيب ابن ابي سلول , اسير من قريش , ويقول ” وكانت لعبدالله ابن ابي بن سلول , جارية يقال لها معاذه , وكان القرشي الاسير يريدها على نفسها , وكانت مسلمة , وكانت تمتنع منه لاسلامها , وكان عبدالله بن ابي يكرهها على ذلك , ويضربها رجاء ان تحمل من القرشى فيطلب فداء ولده ” .
وايا كانت القصة , فان ما حدث بعد ذلك , هو ان الامور تصاعدت باتجاه حدوث المواجهة التى طالما سعى اليها ابن سلول , وكان يتحاشاها محمد بأى ثمن ..اذ لجأت الفتاة الي ابي بكر وشكت له حالها , وبدوره قام ابو بكر باخبار الواقعه للرسول ..وهنا اسقط في يد محمد اذ كان امامه خيارين لا ثالث لهما ..اما ان ينتصر للفتاة المسكينة,ويواجه ابن سلول , ويجازف بخسارة كل ما سعى لتحقيقه ..واما ان يخذلها ويفقد مصداقيته امام المؤمنين بدعوته .
يقول ابن كثير ” فأقبلت الجارية الي ابي بكر رضى الله عنه فشكت اليه ذلك , فذكره ابو بكر للنبي صلي الله عليه وسلم , فامره بقبضها , فصاح عبدالله بن أبي من يعذرنا من محمد يغلبنا على مملوكتنا , فانزل الله فيهم هذا ” .!! وكما يتضح من قول ابن سلول ” من يعذرنا من محمد ” -أى من يلومنا فيه – انه راى في الواقعه فرصه سانحة للتخلص من غريمه , ولعله اعتقد انه قد حشر محمد في الزاوية ..ولكن فات ابن سلول ان محمدا كان يمتلك سلاحا لا قبل له به ,,وهو جبريل – اى الوحي ! اذ ما ان وصلت الامور الي نقطة الصدام , حتى نزل جبريل مسرعا و مسعفا محمد بمخرج من هذه الازمة الخانقة..فجاءت تلك الاية بصياغتها التوفيقية العجيبة , لتطفىء النار التى كان يحاول ابن سلول اشعالها !!
وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاء إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِّتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَن يُكْرِههُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌِ ”
ومن يتمعن في تلك الاية يجد انها حاولت رفع الحرج عن محمد في عدم التدخل لنصرة تلك الجارية , من خلال حصر المسألة بين السيد وأمته – والتى تعتبر مما ملكت ايمانه وله ان يفعل فيها ما يشاء . دور محمد هنا يقتصر على نصح السيد بعدم اكراه فتاته على البغاء , فان ضرب السيد عرض الحائط بهذه النصيحة , فان المسالة هنا قد خرجت من يد محمد , واصبحت بين مالك الجارية وبين الله , والذى هو بالمناسبة غفور رحيم .!!
واما بالنسبة للفتاه المسكينة التى ترفض ممارسة الزنا لانها تريد تحصين نفسها , فانه لا حرج عليها طالما انها مكرهه على فعل ذلك . واما بالنسبة لابن سلول , فعلينا ان نلاحظ الصياغة السياسية الركيكة والمخادعة للاية , والتى تتحاشى القاء لوم مباشر او غير مباشر على مالك الفتاة – ابن سلول – وَمَن يُكْرِههُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌِ ” .. ماذا سيحدث لمن وَمَن يُكْرِههُّنَّ ٌِ ” وما هو جزاءه ؟؟.. هذا التعمد الواضح في ترك الامر مبهما على هذا النحو ,انما يهدف لافساح المجال امام محمد لاتخاذ الموقف الذى يشاء من ابن سلول . و لا يعطي اى ذريعة لابن سلول في اتهام محمد بالسعي الي تحريض جواريه عليه او كما قال ” يغلبنا على مملوكتنا ” .
وهكذا طويت المسالة , الفتاة عادت الي الماخور , وابن سلول عاد لنصب المكائد لمحمد . واما محمد الذى نجا من هذه الورطة بواسطة الوحي , فقد سن من حيث لايدري , قانونا للبغاء بحكم الامر الواقع , يستمد مشروعيته من تلك الاية – الفضيحة

الكاتب: مهند

المصدر: منتدى اللادينيين العرب

Posted by: redqatar | 2009/10/20

أحجيات دينية

لم يخطر ببال موسى وهو يكتب الألواح في منتجعه الجبلي في سيناء أن ما سيكتبه سيقدر له البقاء لأربعة آلاف سنة، وسيتخذ شريعة يتعبد بها مئات ملايين اليهود عبر القرون… كما لم يخطر ببال عيسى أن مغامرته النبوية التي لم تتجاوز العامين ستصبح مصدر إلهام لمليارات البشر.. ولم يخطر لمحمد أن كل حركاته وسكناته وحتى نزواته وانفعالاته الشخصية، ورغباته وعداواته البشرية ستصبح أقانيم مقدسة لدى مليارات المسلمين لمدة لا يعلم أحد مداها.. ولم يهتم محمد حتى بكتابة القرآن حتى أنقذه عمر بن الخطاب من الضياع بعد هلاك كثير من الحفاظ في “حروب الردة”.. أما سنة الرسول فقد صح عنه النهي عن كتابتها خشية أن تختلط بالقرآن!! لو كان هؤلاء “الأنبياء” يعلمون أن تأثيرهم سيمتد مكاناً وزماناً عبر القرون والقارت لربما اهتموا بمراجعة كل أقوالهم وأفعالهم وكل ما نسبوه إلى الله ليزيلوا منها هذه التناقضات، ولكن التناقضات يمكن أن تزال من نظرية لم تختلط بالواقع ولم تتعامل مع حياة البشر، أما ما خالط الحياة اليومية فلا مناص من التغيير والتبديل فيه لموائمة ما يستجد من أمور، ويظل إلباس هذه النصوص ثياب القداسة نوعاً من الشعوذة اللفظية ليس إلا يتخصص فيه أصحاب الأديان عامة ويتفوق فيه المسلمون على غيرهم. ورغم أن آلاف الأتباع من كل الأديان سخروا حياتهم وأقلامهم لتفسير هذه التناقضات وتبريرها كما فعل الحاخامات وعلماء اللاهوت والفقهاء والمفسرين، إلا أن بعض هذه التناقضات متجذر في عمق النص كما يتغلغل السرطان في خلايا الجسد بحيث لا يمكن إزالته إلا بإزالة عضو الجسد المصاب.. وتظل هذه التناقضات مثار تساؤلات وشكوك المفكرين، ومعالم واضحة تبرز بشرية هذه النصوص وبراءتها من الانتساب إلى أي قوة فوقية كانت أم سفلية. ورغم أن المتدينين يفضلون عدم التوغل في هذه التناقضات خشية أن يتزلزل إيمانهم، إلا أنهم إذ يعجزون عن تفسيرها يطلبون من المتسائلين أن يتدبروا في معناها عسى أن يزول هذا التناقض بطريقة أو بأخرى.. والتدبر كما يعرفونه هو التدبر في الكون وفي القرآن، أو كما يفضل بعضهم التنطع بالقول: التفكر في كتاب الله المنظور وكتاب الله المسطور.. وفي ثقافة سوق عكاظ التي تبيع الكلام وتشتريه لا تتوقع من التدبر أن يذهب الى أبعد من هذه البهرجة اللفظية.. فالتدبر عندنا ما هو الا رقية تعمل بطرق غامضة غير مفهومة، ولا تستطيع ان تعرف متى ستفعل فعلها ومتى ستتوقف ولا ماذا ستنتج.. ولا أكاد أتذكر عدد المرات التي انتفض فيها احد المشايخ أو الدعاة طالباً مني التدبر وناعتاً إياي بعدم الفهم، ومشهراً في وجهي آية “أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها”.. وأنا لا أتصور أن عاقلاً يغضب إذا طلب منه أن يتدبر، ولكن والمشكلة هنا أن التدبر لن يقودك بالضرورة الى النتائج التي قررها المشايخ سلفاً، بل سيقودك في غالب الأحيان الى اتجاه آخر لا يرضى عنه المشايخ وعندها سيتهمونك مجدداً بعدم التدبر أو بعمى البصيرة.. فالتدبر عند المشايخ لا يكون مثمراً الا إذا وصل بك الى ما هو معروف سلفاً وكفى الله المؤمنين القتال، أو أن يصل بك الى نتائج تؤيد النظرة الدينية حتى ولو بالتعسف كما يفعل بعض دعاة الاعجاز العلمي في يومنا هذا.. وعملاً بالآيات التي تحث على التدبر فقد رأيت أن أشارك القارىء في بعض النقاط التي استعصت عليّ وأضحت بمثابة الأحجيات، وقد تدبرت فيها ورجعت الى كتب تفسير القرآن وأقوال العلماء فلم أجد الا تبريرات متهافتة فرأيت أن أعرض بعضها على القراء.. وخوفاً على القارىء الكريم من الملل رأيت أن أجعل هذا المقال في جزئين: أعرض في الجزء الأول مجموعة من الأحجيات تتعلق بالخلق ويوم القيامة وفي الجزء الثاني أحجيات دينية متفرقة، وقد اخترتها على سبيل المثال لا الحصر فالمجال يضيق عن حصرها. أحجية المساءلة: في سياق الحديث عن يوم القيامة يقول الله في القرآن (فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون – الحجر) كما يقول في آية أخرى (ولتُسئلن عما كنتم تعملون) ويقول في آية ثالثة (فقفوهم إنهم مسئولون) وفي رابعة يقول (فلنسئلن الذين أرسل إليهم ولنسئلن المرسلين) ولا نجد في أنفسنا حاجة لشرح هذه الآيات فمعناها واضح ولا أحسب أن مسلماً لا يعرف أن الناس – مسلمهم وكافرهم – سيسئلون عن أعمالهم يوم القيامة.. ثم بمزيد من التدبر في القرآن نجد آية أخرى تقول (ولا يُسْئَلُ عن ذنوبهم المجرمون – القصص) !! كما يقول (فيومئذ لا يُسئل عن ذنبه إنس ولا جان – الرحمن)! فهل سيُسئل الناس يوم القيامة أم لا؟ أم أن الله لم يستقر على رأي في هذا الشأن عند نزول القرآن؟ وإذا كان المجرمون لا يسئلون عن ذنوبهم فهل سيئسل الطيبون الصالحون؟ وبناء على التدبر في هذه الآيات المتضاربة نجد انه لا يمكن الوصول الى نتيجة في هذا الشأن، ولا أستبعد ان يخرج علينا المشايخ بتأويلات طريفة من نوع ان يوم القيامة هو في الواقع عدة أيام كالصعقة والنفخ في الصور والحشر والصراط … الخ وان الكلام مسموح في بعضها ممنوع في البعض الآخر. ومادامت الآية تذكر محاسبة الجن أيضاً فلا بد من طرح هذا السؤال: إذا كان القرآن قد نزل للإنس والجن وقد آمنت به الجن في قوله (قل أوحي إلى أنه استمع نفر من الجن فقالوا إنا سمعنا قرآناً عجباً يهدي الى الرشد فآمنّا به – الجن) فلماذا لا يحتوي القرآن أي تكليف للجن؟ هل يصلون نفس الركعات؟ وهل يصومون؟ وماذا عن الجهاد؟ هل يجاهدون ممالك الجن الكافرة؟ وهل يا ترى يوجد منهم من يفجر محطات القطارات ومدارس الأطفال (الجن طبعاً)؟ وباختصار: إذا كان الرسول مرسلاً للإنس والجن وهو خاتم الرسل فكيف نسي أن يبين لهم واجباتهم الشرعية؟ أحجية التساؤل: يقول القرآن في وصفه ليوم القيامة (فلا أنساب بينهم يومئذٍ ولا يتساءلون) كما يؤيد هذا المشهد الرهيب يوم القيامة بقوله (يوم يفر المرء من أخيه، وأمه وأبيه، وصاحبته وبنيه) فهو موقف لا يلتفت المرء فيه لاخيه ولا لامه ولا لزوجته فضلاً عن أن ينشغل بباقي الناس.. فعبر القرآن عن هذا بأنهم “لا يتساءلون”… ولكننا نجد القرآن في آية أخرى يقول (وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون)!! ويقول أيضاً (فأقبل بعضهم على بعض يتلاومون) مما يدل على أن الكفار يتساءلون ويتلاومون فهل يتساءل الكفار يوم القيامة أم لا؟ أحجية النطق: ويقول كذلك (يوم نختم على أفواههم) .. ويقول أيضاً (هذا يوم لا ينطقون ولا يؤذن لهم فيعتذرون) .. ويقول (ووقع القول عليهم بما ظلموا فهم لا ينطقون) مما يدل على أن الكفار يوم القيامة ممنوعون من الكلام حتى للدفاع عن أنفسهم.. ولكنا نجد في آية أخرى (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلانَا مِنَ الْجِنِّ وَالإنسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الأَسْفَلِينَ – فصلت)، كما يقول أيضاً عن الكفار (ثُمَّ لَمْ تَكُن فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ وَاللّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ – الأنعام) وفي آية لاحقة (وَلَوْ تَرَىَ إِذْ وُقِفُواْ عَلَى النَّارِ فَقَالُواْ يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ – الأنعام).. فها نحن نرى آياتٍ صريحة في منع الكفار من النطق يوم القيامة وآيات أخرى صريحة في أنهم ينطقون فهل نصدق الآيات الأولى أم الثانية؟ والأمثلة الثلاثة السابقة تطرح سؤالاً بسيطاً: ان الله بعلمه للغيب يتحدث عن مشهد يوم القيامة كأنما يتحدث عن ماض، فهو في علم الله متحقق ومتيقن الحدوث، ولكن وصف الله لهذا المشهد غير متسق، فما الذي يدعو الله للتضارب في وصف هذا المشهد؟ هل لأنه لم يستقر على رأي فيما سيفعل يوم القيامة؟ وهل يصح ذلك في حق الله؟ التفسير البسيط لهذه التناقضات هو أنها وصف بشري لمشهد متخيل، يتأثر هذا الوصف بما يعتمل في نفس هذا الشخص من مشاعر وانفعالات لحظة الكتابة والتأليف، لأنه لا يعقل أن يتضارب وصف الله لنفس المشهد. أحجية الخلق: لا يوجد مسلم على وجه الأرض فيما أعلم الا ويؤمن بقصة خلق الانسان من طين وأمر الله لابليس بالسجود ورفض ابليس ذلك وتلك القصة المشهورة.. والقصة كما يعرفها الجميع تدل على ان الله خلق آدم أولاً ثم أمر الملائكة بالسجود له ثم حدث ما حدث من اغواء في الجنة ونزول الى الأرض ثم ظهور النسل البشري الى آخر القصة التي وردت تقريباً في تراث كل الأمم بصيغ مختلفة ومنسوبة الى آلهة مختلفة.. و”ثم” كما يقول أهل اللغة تفيد الترتيب مع التراخي … ولكننا نجد القرآن في آية أخرى يقول (ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم – الأعراف) فهل خلق الله آدم ثم أمر الملائكة بالسجود له ثم جاءت ذرية آدم؟ أم أنه خلق آدم وذريته ثم أمر الملائكة بالسجود كما في آية سورة الأعراف؟ كما يحدثنا القرآن انه خلق الإنسان في أحسن تقويم ويفسر ابن كثير الآية بأن الله (خَلَقَ الإِنْسَان فِي أَحْسَن صُورَة وَشَكْل مُنْتَصِب الْقَامَة سَوِيّ الأَعْضَاء حَسَنهَا)، أما القرطبي فقال (وَهُوَ اعْتِدَاله وَاسْتِوَاء شَبَابه كَذَا قَالَ عَامَّة الْمُفَسِّرِينَ . وَهُوَ أَحْسَن مَا يَكُون، لأَنَّهُ خَلَقَ كُلّ شَيْء مَنْكِبًا عَلَى وَجْهه، وَخَلَقَهُ هُوَ مُسْتَوِيًا).. ولكن الأدلة العلمية وسجل الحفريات لا تؤيد هذه الأسطورة بل انه تنفيها نفياً قاطعاً فانفصال السلالة التي نشأ عنها الانسان الحالي عن السلالات الأخرى حدث منذ ستة ملايين سنة تقريباً وتطور الانسان خلالها في عدة اتجاهات انقرض بعضها تماماً واستمر بعضها في التطور حتى وصل الى الانسان بشكله وهيئته الحالية.. ويضيق المجال عن التفصيل في هذا الموضوع ويطلب في مظانه.. وأسطورة الأله اللاهي بالطين ليخلق منه بشراً وردت أول ما وردت عند السومريين ثم تسربت إلى ثقافات المنطقة كالأساطير البابلية وأعطاها موسى ختم الخلود بنسخها في سفر التكوين من العهد القديم حتى استقرت في القرآن.. وتوجد نسخ محلية محورة من هذه الأساطير في مناطق مختلفة من العالم وان كانت لا تلتزم بالضرورة بفكرة الإله الواحد، كما يضيف بعضها موادَ أولية أخرى إضافة إلى الطين. ولا تبدو أسطورة الخلق من التراب في القرآن منسجمة حتى مع نفسها فضلاً عن أن تنسجم مع العلم، فتارة يحدثنا القرآن بقوله (إنا خلقناكم من تراب)، وتارة يقول (وبدأ خلق الإنسان من طين)، وتارة يقول (خلق الإنسان من صلصال كالفخار – الرحمن)، ثم في آية أخرى يقول (وجعلنا من الماء كل شيء حيى) وبما ان الإنسان كائن حي فلا بد أنه خلق من الماء وليس من الطين إذا كان لنا أن نصدق هذه الآية… فهل خلق الإنسان من الماء أم من الطين؟ وإذا كان لنا أن نضع قبعة الحاوي (الفقيه) لإزالة هذا التناقض لقلنا أن الإله عندما أراد أن يخلق الإنسان من تراب احتاج إلى بعض الماء ليساعد في تشكيل العجينة وبهذا فهو استعمل التراب والماء معاً… ويبدو الإله هنا في صورة مسلية كطفل يلعب بالتراب ثم يحضر بعض الماء يمزج به التراب ثم يصنع إنساناً من الطين ونفخ فيه نفخة إلهية تمنحه الحياة، ولكن هذا التفسير على الرغم من أنه يحل مشكلة الماء والطين بطريقة طفولية ولكنه يضع عقبات أخرى أمام قوله للشيء كن فيكون! أحجية خلق الجن وخلق إبليس حتى إذا سلمنا من التناقض بين خلق الإنسان من الطين وكون الله جعل من الماء كل شيء حيى فإن خلق الجن يطرح إشكالاً آخر: فالجن كما يقول القرآن مخلوق من نار (وخلق الجان من مارج من نار)، ولكن الجن كائنات حية أيضاً فينبغي أن تكون مخلوقة من الماء هي الاخرى، فهل هي مخلوقة من ماء أم من نار؟ أما إذا تحدثنا عن خلق الشياطين فسنفتح باباً آخر: فنحن نعلم أن إبليس كان من الجن المقربين مع الملائكة حتى ارتكب خطيئة تعظيم الله ورفض السجود لغيره وكان ماكان.. ولكن القرآن والرسول يقولان ان كل انسان معه شيطان أو أكثر يجري منه مجرى الدم ويوسوس له فكيف ومتى خلق الله هؤلاء الشياطين الصغار؟ وهل يموتون مع موت من يرافقونهم من البشر أم انهم يرافقون أشخاصاً آخرين؟ يقول الشيخ الشنقيطي في تفسير: (أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني – الكهف) : وقوله في هذه الآية الكريمة: (وذريته) دليل على أن للشيطان ذرية ، فادعاء انه لا ذرية له مناقض لهذه الآية مناقضة صريحة كما ترى، وكل ما ناقض صريح القرآن فهو باطل بلا شك، ولكن طريقة وجود نسله هل هي عن تزاوج أو غيره، لا دليل عليها من نص صريح، والعلماء مختلفون فيها، وقال الشعبي سألني رجل : هل لإبليس زوجة؟ فقلت إن ذلك عرس لم أشهده ، ثم ذكرت قوله تعالى: (أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني)، فعلمت أنه لا تكون ذرية إلا من زوجة ، فقلت : نعم. وروي مثله عن قتادة، قال مجاهد: إن كيفية إيجاد النسل منه أنه أدخل فرجه في فرج نفسه فباض خمس بيضات!، قال: فهذا أصل ذريته. وقال بعض أهل العلم: إن الله تعالى خلق له في فخذه اليمنى ذكراً، وفي اليسرى فرجاً، فهو ينكح هذا بهذا فيخرج له في كل يوم عشر بيضات، يخرج من كل بيضة سبعون شيطاناً وشيطانة. وقال القرطبي في تفسير هذه الآية: “قال رسول الله –ص-: “لا تكن أول من يدخل السوق ولا آخر من يخرج منها فبها باض الشيطان وفرخ ” وهذا يدل على أن للشيطان ذرية من صلبه. قال مقيده عفا الله عنه : هذا الحديث إنما يدل أنه يبيض ويفرخ، ولكن لا دلالة فيه على ذلك، هل هي من أنثى هي زوجة له. فهذا طرف من أقوال أهل العلم في موضوع ذرية الشيطان، ولا شك أن هذه الكنوز العلمية قد قلت الإستفادة منها ففيها علوم بيولوجية مفيدة وليس فقط علوم شرعية، وهذه الكتب هي التي يريد منا الإسلاميون أن نقبل عليها وننهل من علومها حتى تعود الأمة إلى سابق مجدها. ولا مناص من أن نعرج على نقطة أخرى وهي أنه إذا كان إبليس قد اختار أن يعصي الله بعدم السجود واستحق الخلود في النار لأجل ذلك فما ذنب هؤلاء الشياطين الصغار أن يدخلوا النار تبعاً لخطيئة جدهم الأكبر والله يقول (ولا تزر وازرة وزر أخرى)؟ فهل يعطون فرصة الاختيار أيضاً؟ وماذا لو اختار بعضهم أن يطيع الله ولا يعصيه فهل يدخل الجنة؟ أم أنهم مجبورون على العصيان؟ فإذا كانوا مجبرين فكيف يعاقبهم الله على أمر لا خيار لهم فيه؟ هذه النصوص تضعنا أمام عدة مواد أولية استخدمها الله للخلق: التراب، الماء، النار.. أما إذا أردنا الخوض في قصة خلق عيسى بن مريم فسنفتح باباً لا يمكن إغلاقه! إذ ان القرآن يقول انه نفخ في مريم من روح الله، فهل روح الله من التراب أم من الماء؟ وإذا كانت الروح مختلفة تماماً فهل معنى ذلك أن جسد عيسى من الطين أو الماء ولكن روحه من روح الله؟ وهل نصحح بذلك مذهب النصارى في اللاهوت والناسوت؟ أي أن لعيسى طبيعة إلهية وطبيعة بشرية؟ أحجية الاطمئنان: يقول القرآن في وصف المؤمنين (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله، ألا بذكر الله تطمئن القلوب – الرعد) وهذا وصف جميل وكثيراً ما يحتج به المؤمنون، بل ويجد بعضهم أن القرآن يجلب الطمأنينة فعلاً، ومن نافلة القول أن المسيحي يجد نفس الطمأنينة في كتابه “البشري المحرف”، كما يجدها اليهودي في التوراة، فالانسان حبيس أوهامه، ويستطيع أن يطوع عقله ليقبل ما يريد أن يقبله.. وكل يطلب الراحة فيما يراه محقاً كان أم واهماً .. وإذا طلب المرء الطمأنينة في شيء قرآناً كان أم شعراً وتحقق له ذلك فقد أدى ذلك الشيء غرضه، ولكن القرآن يصر على إرباك ذوي العقول السوية إذ نجده يقول في آية أخرى في سورة الأنفال (انما المؤمنون الذين اذا ذكر الله وَجلت قلوبهم)!! فنحن هنا أمام معضلة.. فالفعل هو ذات الفعل وهو ذكر الله، والفاعل هو نفس الفاعل وهو المؤمن، ولكن الله يقرر في الآية الأولى أن ذكر الله يطمئن القلوب ثم ذكر في الثانية أنه يصيب القلوب بالوجل وهو الخوف والاضطراب.. فهلا أفتانا العلماء في هذه المعضلة؟ هل تطمئن القلوب بذكر الله أم توجل؟ لاشك أن نصوصاً كهذه هي التي جعلت من ممارسة التفكير المزدوج (Double Think) ممارسة شائعة عند الفقهاء لتفسير هذه التناقضات.. هذه الممارسة انتقلت بالفقهاء الى مرتبة الحواة.. فكلما تفتق ذهن الفقيه عن حيلة لتبرير تناقض ما كلما زاد الثناء عليه ونعتوه بأنه ممن فتح الله عليهم بالفهم، وتشوف التلاميذ لتقليده.. وها نحن في القرن الواحد والعشرين نجني ثمار التفسير والتبرير وإزدواج المعايير وقلب المفاهيم وخلط الأوراق وتشويه الحقائق والتحليق في فضاءات الوهم والتمسك بأحلام التفوق وتصور القدرة على قيادة البشرية بل ووجوب ذلك، وخوف الأخذ من ثقافة الآخر والانغلاق على ثقافة بشرية لها ما لها وعليها ما عليها بحسبانها هدي خير القرون الذي لن يصلح آخر هذه الأمة إلا به، ومحاربة مشروعات الحداثة والتطوير. أحجية التبديل: يقول القرآن (لا مبدل لكلمات الله) ويقول أيضاً (لا مبدل لكلماته – الأنعام والكهف) والآية تعني أحد أمرين: 1- إما أن الله لا يبدل كلامه وهذا شيء مفهوم بل وواجب في حق الإله، فكيف يليق بإله أن يبدل كلامه وهو كلي العلم وأزلي الوجود وعالم بالغيب، وحافظ لكلامه في اللوح المحفوظ؟ 2- وإما أن الله لا يسمح لبشر بأن يبدل كلامه وهذا أيضاً مفهوم فأنى لبشر ضعيف فانٍ أن يقدر على تبديل كلام الإله الأزلي؟ وكيف يسمح له الإله بتبديله؟ ولكن تواجهنا معضلتان. الأولى: ان الله نفسه يبدل كلماته التي أكد أن لا مبدل لها فيقول (وإذا بدلنا آيةً مكان آيةٍ والله أعلم بما يبدل قالوا إنما أنت مفتر – النحل).. فهذه الآية تقول أن الله يبدل الآيات بآيات أخرى، ويقر بأن الكفار والمشركين استنكروا أن يتراجع إله في كلامه ويبدله فاتهموا محمداً بالإفتراء، وكعادة القرآن في “الرد على الشبهات” لم يقدم أي تفسير مقنع لهذه الأحجية ومضى يكرر نفس القصة من أن القرآن نزله روح القدس بالحق إلى آخره.. كما يقول القرآن أيضاً (ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أومثلها – البقرة) !! ونترك لكل من يملك ذرة عقل فما دونها أن يفهم ما الذي يضطر إلهاً إلى أن ينسخ بعض الآيات ليأتي بخير منها أو مثلها.. فإذا كانت الآية الناسخة خيراً من المنسوخة فلم لم يأتِ بها أولاً؟ وهل ثبت له بعد تجربة الآية المنسوخة أنها ليست صالحة؟ هل يستخدمنا الإله حقلاً لتجاربه؟ وإذا كان نسخ آية والإتيان بخير منها أمراً يطعن في حكمة الإله، ولكنه يظل مفهوماً في إطار التجربة والخطأ الإلهيين (Trial and Error)، ولكن ما الحكمة في نسخ آية والإتيان بآية “مثلها”؟ أليس هذا نوعاً من العبث؟ وإذا كانت الآيتان متماثلتين فلم لم يبق الآية الأولى؟ وفي خضم إتيان الإله بآية أفضل وآيات متشابهة سقط التفسير الأول بأن الله لا يبدل لكلماته.. المعضلة الثانية هي أن البشر يبدلون كلام الله بكل بساطة، بل أن البشر –حسب العقيدة الاسلامية- أفلحوا في تبديل جميع كلمات الله المتتالية بدون استثناء كالتوراة والإنجيل والزبور وصحف إبراهيم وما لم نعلم من كتب وصحائف، ولم يسلم من ذلك إلا القرآن.. فكيف للبشر أن يفعلوا ذلك وقد تعهد الله منذ الأزل بأن لا مبدل لكلماته؟ نجد في ثلاجة الأجوبة المعلبة إجابة جاهزة يستخدمها المسلمون فيقولون ان الله لم يتعهد بحفظ كتبه الاولى ولكنه تعهد بحفظ القرآن، وسؤالي هو: هل يوجد إله يعجز عن حفظ رسالاته الى البشر من العبث؟ ثم وفي نهاية المطاف يقول لنفسه “سأكون منتبهاً تماماً هذه المرة وسأنزل رسالة لا يستطيع أحد أن يبدلها؟” .. هل يؤمن بإله كهذا شخص يحترم عقله؟ إله تستطيع مخلوقاته أن تعبث بكلماته وتبدلها؟ إله ينزل آيات يزعم انها في اللوح المحفوظ ثم يكتشف بعد قليل انها لم تعد صالحة فيبدلها زاعماً انه سيأتي بأحسن منها أو مثلها؟ ألم يخطر على بال الإله في أول مرة تم فيها تبديل كلماته، ولتكن التوراة مثلاً، أن يحاول حفظها في المرة التالية، ولتكن الإنجيل مثلاً؟ لماذا يكرر الإله أخطائه مرة بعد أخرى؟ هل فطن بعد ستمائة سنة من تعليق آخر نبي (أو ابن) أرسله إلى الأرض على الصليب بين عاهرة ولص، فطن الى أن شيئاً ما لا بد أن يفعل إزاء هذا العبث البشري المتكرر بكلماته فأرسل رسالة خاتمة وتعهد بحفظها؟ وحتى في هذه الرسالة لم يتعلم من أخطائه فقد زعم التعهد بحفظها ولكنه كان أول من غير وبدل فيها، فيكاد يجمع علماء المسلمين ان آية السيف (فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم – التوبة) نسخت مائة وأربع وعشرين آية!! ولعاقل أن يسأل: إذا اضطر الله نفسه أن يغير آياته مرات عديدة في ربع قرن فكيف يزعم هؤلاء أن القرآن صالح لكل زمان ومكان وهو لم يصلح لقرية بدوية صغيرة لمدة ربع قرن دون تبديل؟ وإذا قامت دولة بتبديل دستورها مرة في كل عشر سنوات لقلنا ان من خط هذا الدستور لا يفقه في القانون شيئاً، فعلى الرغم من أن الدساتير لا يطلب منها الخلود ولكن استقرارها لفترة زمنية يكسبها الاحترام. وإذا كان تراجع الإله عن بعض ما قاله مفهوماً فكيف نفسر أن ينسخ الرسول كلام الله؟ كمثال على ذلك نورد حد رجم الزاني والذي ينص القرآن على أنه الجلد بينما يصر الرسول والعلماء على انه الرجم للزاني المحصن، وكأن الله حينما أنزل النص الأول لم يكن يعلم أن الزناة لا بد وأن يكونوا إما محصنين أو غير محصنين، ثم استدرك الرسول على الله بأن أضاف عقوبة مشددة لمن كان محصناً.. ولمواجهة هذا التضارب المحرج ظهرت أحاديث صحيحة تقول أن الله أنزل آية في الرجم ولكنها اختفت من المصحف، وفي تفسير ذلك يقول بعض العلماء الظرفاء أن هذه الآية نسخ لفظها وبقي حكمها، وروى الطبراني وابن ماجة والدارقطني وابن يعلى أن هذه الآيات كانت مكتوبة وموضوعة تحت سرير عائشة فلما مات الرسول وانشغلوا بدفنه دخل الداجن وأكلها!! والتفسير الأول يفتح الباب للبشر أن يبدلوا كلام الله فلا نختلف عن اليهود والنصارى في شيء، أما التفسير الثاني فيفتح الباب للقول بأن “الدواب” تبدل كلام الله .. ويجد مسلم اليوم نفسه مضطراً للإيمان بأن الله أنزل آيات ثم نسخ لفظها وأراد لحكمها أن يبقى!! وأن الداجن له سلطان على كلام الله الذي تعهد بحفظه! ولا يزال أنصار الدولة الدينية يرفعون شعار تطبيق الشريعة حتى يومنا هذا بحسبانها المحجة البيضاء ليلها كنهارها، هذه الشريعة التي لم يفهمها أقرب الصحابة إلى الرسول فتقاتلوا بينهم قتالاً شديداً أفنى فيه مبشرون بالجنة مبشرون آخرون، وها هم ينتظرون يوم القيامة عسى أن يصدق الله وعده في قوله (ونزعنا ما في صدورهم من غل)، هذا إذا لم يغير رأيه وينسخ هذه الآية أيضاً. وإذا كانت هذه المحجة البيضاء لم تكن واضحة لصحابة الرسول في أهم الأمور وهو انتقال السلطة حتى اضطروا إلى قتل بعضهم البعض ولما يمض على وفاة الرسول ثلاثة عقود، ففيم وضوح هذه الشريعة؟ وما الذي يدعوهم إلى الإعتقاد بأن الشريعة ستكون أوضح لنا بعد أربعة عشر قرناً مما كانت للصحابة وهم من تربوا على يدي الرسول وعاصروا “الوحي”؟ أحجية المسجد الأقصى: قصة الإسراء والمعراج هي من القصص المحلقة في عوالم الخيال والتي يختلط فيها الزمان والمكان والطبيعة وماورائها بدرجة تجعل الفصل بينهم ضرباً من المحال.. وتصلح هذه القصة لكتاب كامل ولكني لن أعرض لها في هذا المقال بل سأعرض لأحجية المسجد الأقصى.. لعل أول ذكر للمسجد الأقصى ورد في آية سورة الإسراء (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا) وهذه الآية مكية وقد نزلت في بداية الدعوة، ولكن المشكلة هنا انه لم يكن هناك مسجد أقصى ولا مسجد من أي نوع في فلسطين ولا في غيرها، فأول مسجد بناه الرسول هو في المدينة فمن الذي بنى هذا المسجد الأقصى إذن؟ قد يقول قائل: أن أحد أنبياء بني إسرائيل قد بنى هذا المسجد/المعبد ولأن الإسلام هو دين الأنبياء جميعاً فلذلك ذكره الله في القرآن بحسبانه مسجداً.. فنقول ان أمكنة العبادة في الديانة اليهودية تسمى معابد (Synagogues) فهل كان هذا النبي يعلم أنه يتعبد في مسجد ولكنه يخدع أتباعه؟.. ثم ان تاريخ بناء المعبد يرجع إلى زمن لم يكن الله فيه غاضباً على بني إسرائيل فكيف يخدعهم الله بإيهامهم أن معبدهم هو في واقع الأمر مسجد؟ وبفرض ان المسجد الأقصى كان موجوداً بطريقة أو بأخرى فلماذا لم يُصلِّ فيه عمر بن الخطاب عندما فتحت مدينة القدس وصلى في كنيسة النصارى؟ ترى هل أقحمت هذه الآية بعد عقود من وفاة الرسول لإضفاء قداسة استثنائية على المسجد الجديد والذي ربما بناه الوليد بن عبد الملك في مواجهة إرث تاريخي طويل لليهود والنصارى في القدس؟ ولعل القصة ترمي ضمن ما ترمي إلى هذه المصادرة، فقول الرسول بأن الله جمع له الأنبياء فصلى بهم إماماً كان نوعاً من الحرب الإعلامية بقصد رفع معنويات أتباعه الوثنيين الذين طالما شعروا بعقدة الدونية تجاه اليهود والنصارى الذين كانوا يعتقدون أنهم أهل كتاب وأصحاب صلة بالسماء، فكأنما أراد الرسول أن يمحو ذلك كله بقصة حصلت له وحده بطريقة سرية لم يطلع عليها أحد غيره. وإذا كانت المعجزة مطلوبة لإقناع الناس فلا أدري لماذا جاءت كل معجزات الرسول سرية لم يرها أحد؟ ربما لإقناعه هو شخصياً، أما نحن فالمطلوب أن نصدق معجزة لم نرها وإلا حلت علينا لعنات الآلهة. يؤيد ذلك أيضاً مزايدة الرسول على اليهود بصوم عاشوراء وصوم يوم قبله أو بعده بزعم أن المسلمين أحق بموسى من اليهود.. ولا أدري لماذا لم يخطر للرسول ان هذا الصوم وما صاحبه من القصص ربما يكون مما أدخله اليهود على شرائعهم من تحريفات.. فالواقع يقول أنه لم يكن يدري شيئاً عن أهمية هذا اليوم لليهود.. هذا اليوم الذي نجا فيه الله بني إسرائيل وارتكب بطولات أخرى لا حصر لها فكيف غابت هذه المعرفة عن النبي؟ ولطه حسين رأي جدير بالتأمل إذ يرى أن قصة ابراهيم ليس لها وجود تاريخي مؤكد، فضلاً عن نزوله الى الجزيرة العربية وبنائه للكعبة، وانما هي قصة اخترعت أساساً لإثبات وجود صلة بين اليهود والمسلمين من جهة وبين القرآن والتوراة من جهة أخرى – خصوصاً أن الرسول كان محتاجاً لابراز هذه الصلة في بداية الدعوة لتأكيد مصداقيته في مواجهة الوثنيين من قريش واليهود والنصارى، كما كانت محاولة لم تنجح لاستمالة اليهود لدينه الجديد. أحجية الأمر بالفسق يقول القرآن في سورة الاسراء (وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميراً).. وهذه إحدى الآيات التي تبارى الحواة في تأويلها وصرفها عن معناها الواضح النازل بلسان عربي مبين.. فمعناها المباشر أن الله في سياق تدخلاته غير المفهومة في حياة البشر يغضب أحياناً على بعض القرى فيقرر إهلاكها.. ورغم أنه يستطيع ذلك بدون أن يقدم تفسيراً لأحد فهو يأمر مترفي هذه القرية بالفسق!! (لاحظ أنه قال سابقاً “إن الله لا يأمر بالفحشاء”).. فإذا فسق هؤلاء فان الله يعتبر أنه أبرأ ذمته ويصب جام غضبه على هذه القرية التعيسة فيدمرها. ودع عنك أن الإله لا ينبغي له أن يأمر بالفسق، فإن قوله –فحق عليها القول- دليل على أن القرية لم يحق عليها العذاب إلا بعد فسق المترفين، فكيف جاز له أن يقرر هلاكها قبل أن تستحق القرية ذلك؟ وإذا كان المترفون في كل قرية قلة وأغلب الناس فقراء فلماذا يهلك الكثرة بفسق القلة المترفة؟ خاصة إذا كان هو المحرض على هذا الفسق؟ ولشد ما أكره أن أظهر بمظهر السفسطائي ولكني لا أملك إلا أن أطرح هذا السؤال: إذا كان الله قد أمر المترفين بالفسق فهل يجب عليهم طاعته أم عصيانه؟ فإذا أطاعوه فقد ارتكبوا فسقاً وجب به هلاكهم، وإن عصوه فلم يفسقوا غضب عليهم لعصيانهم إياه فكيف المخرج؟ وبعد تفكير خلصت إلى أن من أراد اتهامي بالسفسطائية فليوجه الإتهام إلى الله نفسه فهو الذي وضعهم في هذا الموقف أما دوري فيه فلا يتعدى الصياغة وإلقاء الضوء. وكمثال على الدور الفهلوي الذي يمارسه الفقهاء، هاك طرفاً مما قالوه في تفسير أمر الله بالفسق منقولاً من تفسير ابن كثير (علامات التعجب من عندي): واختلف المفسرون في معناها فقيل معناه أمرنا مترفيها ففسقوا فيها أمراً قدرياً كقوله تعالى “أَتَاهَا أَمْرنَا لَيْلا أَوْ نَهَارًا” — وقالوا: معناه أنه سخرهم إلى فعل الفواحش!! فاستحقوا العذاب — وقيل معناه أمرناهم بالطاعات!! ففعلوا الفواحش فاستحقوا العقوبة. رواه ابن جريج عن ابن عباس وقاله سعيد بن جبير أيضاً — وَقَالَ اِبْن جَرِير يَحْتَمِل أَنْ يَكُون مَعْنَاهُ جَعَلْنَاهُمْ أُمَرَاء — قَالَ عَلِيّ بْن طَلْحَة عَنْ اِبْن عَبَّاس يَقُول سَلَّطْنَا أَشْرَارهَا فَعَصَوْا فِيهَا فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ أَهْلَكَهُمْ اللَّه بِالْعَذَابِ وَهُوَ قَوْله ” وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلّ قَرْيَة أَكَابِر مُجْرِمِيهَا ” الْآيَة وَكَذَا قَالَ أَبُو الْعَالِيَة وَمُجَاهِد وَالرَّبِيع بْن أَنَس — وَقَالَ الْعَوْفِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس يَقُول أَكْثَرْنَا عَدَدهمْ وَكَذَا قَالَ عِكْرِمَة وَالْحَسَن وَالضَّحَّاك وَقَتَادَة وَعَنْ مَالِك عَنْ الزُّهْرِيّ وسواء أمرهم بالفسق أو سخرهم لفعل الفواحش أو جعل مترفيهم أمراء أو سلط أشرارهم أو أكثر أعداد المترفين في هذه القرية فيبقى الله مسئولاً عما حدث فيها من الفسق بتحريكه لخيوط اللعبة من وراء ستار الغيب، ويبقى المسلم حائراً في فهم دوافع هذا الإله الذي يفقد صبره ولا ينتظر يوم الحساب ليعاقب المسيء ويكافيء المحسن بل يخبط خبط عشواء مهلكاً المحسن والمسيء معاً. أحجية الشرك وهذه عزيزي القارىء أحجية عجيبة حتى بمقاييس القرآن نفسه، فالله هنا يخبرنا عن سؤاله للمشركين يوم القيامة عن سبب إشراكهم به فيقولون ان الله هو السبب في ذلك إذ لو شاء لهم عدم الإشراك لما أشركوا. وهذا منطق متسق مع المنطق الديني القائل بأن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء، فيعيب عليهم الله هذا القول ويتهمهم بالكذب والتخرص: (سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آَبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ – الأنعام) ولكن يبدو أنه نسي ما قاله في هذه الآية فنراه يقرر بكل ثقة في آية أخرى من نفس السورة ما عابه عليهم فيقول (وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ – الانعام) فهو يقر صراحة بأنه السبب في إشراكهم، فنحن هنا أمام أحد أمرين: إما أن تكون مشيئة الله سبباً في إشراكهم كما قالوا ويكونون بهذا صادقين في كلامهم، أو أن يكونوا كاذبين في هذا الزعم ويكون القرآن كاذباً أيضاً بتكذيبهم. وأخيراً: لم أهدف في هذا المقال إلى استقصاء هذه الأحجيات، ولا مصلحة في ذلك، ولكني شئت أن أسوق بعض الأمثلة فقط، وعلى العكس ممن يقول أن الطريق إلى إزالة الشك هو بقراءة القرآن وتدبره فاني أقول ان أقصر الطرق إلى ترك الدين هو بقراءة القرآن وتدبره.. لا أقصد طبعاً قراءة القرآن على طريقة الكتاتيب ولكن بمقارنة الآيات ببعضها البعض والتحلي بروح التدقيق والتحليل والبحث، وتجاوز عقلية الإعتذار وإحسان الظن بالإله، فلا ينبغي أن يعتمد اتساق كلام الله على حسن الظن به.. وينبغي على قارىء القرآن أن يعلم أن صاحب هذا الكتاب يزعم أنه معجز ويتحدى الجميع أن يجدوا فيه اختلافاً فلا حرج إذن من محاولة ايجاد الاختلاف فانت هنا تستجيب للتحدي المطروح، فان وجدت اختلافاً أيقنت انه ليس من عند الله وإن لم تجد زاد إيمانك ويقينك فانت رابح في الحالين… ا

 

لكاتب: الحكيم الليبي

المصدر: شبكة اللادينيين العرب

التصنيفات